دكتورة/ ليلي عبد الله

دكتوراه الفلسفة في الإدارة العامة والمحلية

 

 

رغم أهمية قياس الأداء في الأجهزة الحكومية إلا أن هناك الكثير من المشكلات التي تعوق هذا القياس وهي تتمثل فيما يلي:

القضية الأولى:البيئة الاجتماعية والثقافية :

ترتكز البيئة الاجتماعية والثقافية في أربعة محاور لها انعكاساتها على ممارسات الإدارة الحكومية :

1- العادات والتقاليد:

وتشير هذه إلى العادات والتقاليد والقيم والعادات السائدة في المجتمع ودرجة تأثيرها بالثقافة الخارجية.  لقد بدأت بداية مرحلة التحول في بعض القيم والمعتقدات في الدول العربية بعد أن نالت استقلالها وبرزت كمؤسسات ذات دور سياسي واقتصادي واجتماعي حيث ازدادت طموحات الجماهير لوفاء الأجهزة الحكومية بفتح أبواب الرفاهية أمامها. ولكي تنفذ مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية فقد تضخم الجهاز الوظيفي ومصروفات الباب الأول وتعقيد الإجراءات إضافة إلى التسيب الوظيفي.

2-الشخصية الوظيفية وأشكال الاتصال السائدة:

هي أنماط السلوك والتفكير السائدة لدى معظم أفراد المجتمع وهي تتأثر بالدوافع والمحفزات التي تحرك أفراد المجتمع ومجموعة المتغيرات الثقافية التي تحكم سلوك الأفراد في التعامل مع المواقف وأشكال الاتصال السائدة فيما بينهم . فالشخصية العربية تأتي مكاسبها المادية من الوظيفة في مقدمة دوافع العمل مع ضعف الدوافع الخاصة بالاستقلالية وتأكيد الذات.

أما تأثير مجموعة العوامل الثقافية أو البيئية وتأثيرها على طريقة تفكير الأفراد وتعاملهم مع المواقف والأشكال السائدة والاتصال فيما بينهم يلاحظ في سلوكيات قيادات الأجهزة الحكومية وهي:

أ- غلبة الطابع الشخصي على نمط الاتصالات.

ب- الرغبة في التفرد والتميز والتركيز على المركزية الشديدة.

ج- إحداث التغيرات الجذرية في الهياكل الأساسية للأجهزة الحكومية لاعتبارات الولاء الشخصي والسياسي والعلاقات الاجتماعية.

د- ضعف إدراك قيمة العمل وأهميته مما يسبب التسيب واللامبالاة.

هـ - البيروقراطية الإدارية التي تهتم بالحلول الجزئية دون علاج المسببات مع التركيز على السلطة.

و- عدم وجود سياسات واضحة للتدريب.

3-هياكل ونظم التعليم والتدريب السائدة :

على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومات العربية في تطوير التعليم والتدريب إلا أن هناك بعض المشاكل نذكر منها ما يلي:

أ- إعطاء  أولوية للتعليم العام والجامعي على حساب التعليم الفني.

ب- تخريج كوادر بشرية أكاديمية ينقصها التدريب والخبرة العملية.

ج-  عدم الربط بين سياسات التعليم والتدريب والتوظيف.

4 – تركيبة القوى العاملة والانتماء الاجتماعي :

إن الانفاق على البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية في دول الخليج مثلاً تتطلب وجود قوى عاملة إضافية لم يكن بمقدور السكان المحليين توفيرها أدي إلى اختلال تركيبة القوى العاملة بهذه الدول على النحو التالي:         

أ – انصراف العمالة الوطنية إلى الوظائف الإشرافية والمكتبية دون الفنية.

ب- طموحات فئة الدرجات العلمية العليا لشغل المناصب القيادية .

ج – اختلاف سلوكيات العمالة الوافدة مع سلوكيات المجتمعات التي يعملون فيها أدى إلى عدم تجانس الأنماط الإدارية .

د – تنوع المستويات الحضارية والثقافة للعمالة الوافدة أدى إلى تغييرات هيكلية في النسق الاجتماعي والثقافي.

هـ- التضخم الوظيفي نتيجة إيجاد دخل ثابت لكل مواطن.

القضية الثانية:أوضاع ونظم تقنيات المعلومات:

يأتي الاهتمام بنظم المعلومات باعتبارها نظمًا تحليلية تهيئ إمكانيات واسعة للتوقع والتحليل والتخطيط والاستجابة المرنة والفعالة للتغيرات المحيطة ببيئة العمل مع توفير قواعد بيانات متجددة تدعم اتخاذ القرار.

تتمثل المظاهر العامة التي تعكس أوضاع نظم وتقنيات المعلومات في الأجهزة الحكومية فيما يلي:

1- عدم التركيز على الاستخدام الأمثل للحاسبات الإلية في مجالات التخطيط والرقابة والتحليل الإحصائي واتخاذ  القرار.

2-عدم تحديث البرامج المستخدمة لاستيعاب المزيد من المعلومات والأعمال والأرقام الكودية.

3-استخدام الحاسبات في الأعمال الهامشية مثل الطباعة وكشوفات المرتبات وتخزين الوثائق والمستندات القديمة .

5-نقص الثقافة المعلوماتية لدى المسئولين بالأجهزة الحكومية.

6-انتشار ظاهرة إدخال تقنيات المعلومات كجزر معلومات مستقلة دون الربط بين الأنشطة والوحدات داخل الجهة الواحدة.

7-عدم التخطيط المسبق لدراسة الاحتياجات الفعلية والمستقبلية  للجهات المختلفة قبل شراء أجهزة الحاسبات الآلية .

متطلبات تطوير نظم وتقنيات المعلومات :

يتطلب تطوير نظم تقنيات المعلومات ما يلي:

1-تطوير الثقافة المعلوماتية لشاغلي الوظائف القيادية والإشرافية وتزويدهم بنوعين من الثقافة في التعامل مع نظم وتقنيات المعلومات كما يلي:

أـ ثقافة الحاسبات التي تشمل فهم مصطلحات الحاسب مع القدرة على تشغيل واستخدام الحاسبات.

ب- ثقافة المعلومات التي تركز على كيفية استخدام المعلومات في معالجة المشاكل الإدارية وتبادلها مع الآخرين.

2-تطوير النظم المتبعة في توفير تقنيات المعلومات من حيث اختيار الأجهزة والبرامج وعمليات التدريب والصيانة وتعديل وتطوير الأجهزة المستخدمة. كما يراعى أولاً إعداد دراسة متوازنة تتضمن العناصر الأساسية الخاصة بعدد ونوعية الأجهزة المطلوبة ومواكبة توفير هذه التقنيات أدوات القياس اللازمة لتحسين المردود الناتج عن استخدامها.

3ـ تكوين رؤية تكنولوجية على مستوى الجهة الحكومية، وذلك بإعادة صياغة المفاهيم التقليدية للعاملين حول نظم وأساليب العمل لتكوين رؤية تكنولوجية جديدة تعني بربط تقنيات المعلومات بأهداف واحتياجات المستويات الإدارية المختلفة إضافة إلى ربط استخدامها بتغيير أسلوب تفكير الموظفين وتدريبهم على تبادل المعلومات.

القضيةالثالثة:اختلال هياكل العمالة بالأجهزة الحكومية:

1- أسباب الخلل في هيكل العمالة:

يأتي اختلال هيكل العمالة في الأجهزة الحكومية في مقدمة الاختلالات التي تعوق التنمية الاقتصادية . ومن أسباب هذا الخلل ، غياب البرامج المدروسة وآليات التنفيذ لإحداث التوازن بين أعداد العمالة واحتياجات سوق العمل.

وقد أدى هذا الخلل  إلى سوء استخدام العنصر البشري وبداية ظهور البطالة خاصة في بعض دول الخليج. كما نجد أن المتغيرات التكنولوجية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية لها تأثير على هيكل العمالة وهي :

أ -التطور التكنولوجي.

ب- سوق العمل الخارجي.

ج-التشريعات القانةنية.

د- التمييز الاجتماعي.

هـ- سياسة التعليم.

2-مظاهر الخلل في هيكل التعليم :

إن مداومة التحليل المستمر لهيكل العمالة يساعد في اكتشاف الكثير من مظاهر الخلل داخل الهيكل مثل الأتي:

أ-الخلل في توزيع العمالة بين وحدات الجهاز الإداري.

ب-الخلل في نمط انسياب التدفقات البشرية داخل الهيكل.

ج-الخلل في الهيكل العمري للعنصر البشري داخل الهيكل.

د- سوء توزيع عنصر العمل وفقًا للجنس مع عدم مراعاة طبيعة النشاط.

هـ-عدم التوازن في توزيع عنصر العمل بين وظائف الإنتاج والخدمات أو بين الوظائف الإدارية والوظائف الخدمية.

و-عدم التوازن في توزيع العمالة بين الأنشطة وكذا المجموعات الوظيفية.

ز-وجود خلل في تركيبة العمالة الوطنية والعمالة الوافدة في هيكل القوى العاملة.

3-الخلل في هياكل العمالة والأداء المؤسسي :

تتمثل مظاهر الخلل في هياكل العمالة فيما يلي :

أ -التضخم الوظيفي في الأجهزة الحكومية.

ب-عدم ملاءمة التخصصات والأعداد والاحتياجات الأجهزة .

ج- تمركز العمالة الوطنية في بعض قطاعات النشاط.

د-عدم التوازن في توزيع العمالة في الدولة.

هـ-قلة الوظائف الفنية وتضخم الوظائف الإدارية والمكتبية.

 كل هذه المظاهر كفيلة بتهميش دور عنصر العمل كأحد المدخلات الأساسية في تفعيل العمل المؤسسي إضافة إلى ذلك فإن تزايد منافسة القطاع الخاص وما أدت إليه تلك المنافسة من خلل في هيكل العمالة بالأجهزة الحكومية قد أدى إلى تدهور الأداء المؤسسي في القطاع الحكومي.

4-علاج الخلل في هيكل العمالة :

لابد أن يعتمد علاج الخلل في هيكل العمالة على أطر وتوجهات فاعلة تنطلق من استراتيجية قومية مدروسة تقوم على المحاورالتاليه:

أ- وضع خطة قومية لتخطيط القوى العاملة ترتكز على تقدير الطلب المتوقع من العمالة مع رسم سياسة للتعليم تعتمد على ما تسفر عنه تقديرات الطلب.

ب- ضرورة إعادة النظر في الوظائف والقطاعات والمناطق والأنشطة حتى يمكن تحقيق التوازن بينها.

ج- ضرورة تخلي الحكومات عن العمل بسياسة التوزيع الجماعي للقوى العاملة من أجل إعادة التوازن لهيكل العمالة.

د- وضع سياسة للتدريب التحويلي.

هـ- تقديم امتيازات محفزة لتشجيع التقاعد المبكر .

و- تقديم بعض الامتيازات للنساء لزيادة جذبهم للمساهمة في عنصر العمل.

ز- القيام بحملة توعية مكثفة بين الشباب لجذبهم نحو الوظائف الفنية ووظائف المصنع.

ح - إعادة النظر في سياسة استقدام العمالة الوافدة في حالة دول الخليج.

القضية الرابعة:ظاهرة انخفاض الإنتاجية في الأجهزة الحكومية:

تؤدي الأجهزة الحكومية أعمالاً كثيرة ومتشعبة بمستوى قليل من الكفاءة وبتكلفة باهظة، هذا إضافة إلى ما توصف به من إهمال وسوء إدارة وبناء امبراطوريات وقوانين بالية تسهم كلها في انخفاض الإنتاجية في تلك الأجهزة.

ويشمل قياس الإنتاجية كلاً من الكفاءة والفعالية. ففي حين ترمز الكفاءة إلى درجة الرشد في استخدام الموارد المادية والبشرية وكيفية تجميع وتوزيع تلك الموارد لإنجاز النتائج المطلوبة بأقل تكلفة ، نجد أن الفعالية ترمز إلى درجة النجاح في تحقيق الأهداف المنشودة وخاصة ما يتعلق منها بنوعية وجودة ووقت تقديم الخدمات إلى الجماهير المستهدفة أو التي تطالبها.

ترجع أسباب ظاهرة انخفاض الإنتاجية في الأجهزة الحكومية إلى الجوانب الثلاثة التالية:

1- الجوانب التاريخية التي تتعلق بنشأة وتطور الأجهزة عقب الاستقلال.

2- الجوانب الفنية والتنظيمية التي ترتبط بغياب الأهداف الواضحة لوحدات الجهاز الحكومي وعدم تقييم نتائج الأداء بها.

3- الجوانب البيئية والمجتمعية التي ترتبط بمجموعات الاتجاهات والقيم والمعتقدات التي ارتبطت في أذهان الناس بالعمل في الوظائف الحكومية.

ونظرًا  لغياب معايير ومقاييس دقيقة لإنتاجية الأجهزة الحكومية فيمكن الاستدلال على انخفاض الإنتاجية بالمظاهر التالية على مستوى الجوانب الفنية والتنظيمية والعناصر البشرية :-

أ - كثرة التغييرات  في الهياكل التنظيمية واستحداث وحدات جديدة دون أن يكون ذلك مبنيًا على الحاجة التنظيمية أدت إلى تكرار العمليات الإدارية وتعقيد الإجراءات وزيادة عدد العاملين .

ب-افتقار الكثير من الأجهزة الحكومية إلى وسائل التقنيات الحديثة في أداء أعمالها.

ج - تدني نسبة الوقت المنفق في أداء مهام الوظيفة لانشغال العاملين بأعمال خارجية أو شعورهم بالإحباط وعدم الرضاء الوظيفي.

د - تكدس أعداد  كبيرة من العاملين في بعض الوظائف غير المنتجة، إضافة إلى إهدار الكثير من الوقت والمال في التدريب دون التخطيط المسبق له.

هـ- غياب الدراسات لمعرفة المعوقات وتحديد مجالات تحسين وتطوير الأداء.

القضية الخامسة : قياس مستوى جودة الخدمات:

لقد مرالاهتمام بقياس مستوى جودة الخدمات بأربع مراحل جاءت كما يلي:

1-مرحلة إهمال قياس مستوى جودة الخدمة:

تمثل هذه المرحلة ، مرحلة إهمال قياس مستوى جودة الخدمة عندما كانت الحكومات هي التي تقع عليها المسؤولية الكاملة في تقديم جميع الخدمات التي تلزم مواطنها.

2- مرحلة قياس مستوى جودة الخدمة اعتمادًا على العدد والكم:

ركزت معايير القياس في هذه المرحلة على إظهار مدى توسع دور الدولة في تقديم الخدمة من خلال التطور في عدد الأجهزة الحكومية التي انشئت أو الجمهور الذي يتردد على تلك الأجهزة .

3-مرحلة القياس اعتمادًا على مستوى الجودة:

بدأ في هذه المرحلة  الاهتمام بقياس مستوى جودة الخدمات التي تقدم للجمهور من خلال معايير تهدف إلى إظهار مدى التطور الذي حدث في مستوي الجودة.

4-مرحلة القياس المزدوج لمستوى جودة الخدمة:

في هذه المرحلة اتجهت الدولة عند قياس مستوى جودة الخدمات إلى ربطها بمعيار آخر يأخذ بأحد البديلين التاليين:

أ- في حالة الخدمات الاقتصادية تم الاهتمام بعنصري الجودة والتكلفة عند قياس مستوى الخدمة.

ب-في حالة الخدمات غير الاقتصادية تم الاهتمام بدرجة رضا الجمهور الذي يتلقى الخدمة.

إن الأسباب التي دعت الحكومات إلى تقديم الخدمات بمستوى متميز هي ما يلي:

1- من أجل تعظيم الرأي العام المؤيد للحكومة.

2-التنافس مع القطاع الخاص فيما يتعلق بتقديم نفس الخدمات.

3-تطوير مستوى جودة الخدمات الحكومية لمواجهة العولمة .

4-الاهتمام باقتصاديات تقديم الخدمة انطلاقًا من رغبة الحكومات في حسن استخدام مواردها المالية المحدودة.

 

المصدر: الدكتوره/ ليلي عبدالله عبد المعز دكتوراه في الفلسفة والادارة العامة والمحلية.
Laila2000
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

41,140