في ظل تباين مواقف وردود أفعال الأطراف السياسية الداخلية والإقليمية والدولية تجاه قرار إحالة ملف دارفور إلى مجلس الأمن، سارع كل طرف إلى توظيف الأدوات المختلفة لتأييد وجهة نظره تجاه الأزمة الناجمة عن القرار وتداعياته.

يرى المؤلف أن مؤيدي قرار الإحالة والتوقيف استندوا إلى مجموعة من الحجج القانونية التي تنطلق في جوهرها من التطورات التي لحقت بالقانون الدولي بصفة عامة والقانون الجنائي بصفة خاصة، على نحو جعل منها قواعد شارعة لا يجوز مخالفتها.

ويمكن القول ، إن القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة، ومشايعة دول الاتحاد الأوروبي، والعديد من المنظمات الدولية الغربية، والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، وحركات التمرد الدارفورية قد مثلت الدعامة الرئيسية في تأييد قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس عمر البشير، وذلك بهدف الضغط على السودان لتحقيق غايات كل طرف ومصالحه على الساحة السودانية.

وفي مقابل هذه الحجج، قدم معارضو القرارين مجموعة من الحجج والأسانيد القانونية، قامت في جانب كبير على تفنيد حجج الفريق الأول من ناحية، وعلى اعتبارات الموازنة بين مقتضيات الأمن والاستقرار في مقابل مفترضات العدالة والقصاص.

فإذا كانت الحجة الرئيسية لمؤيدي قرار المحكمة الجنائية هي استناد قرار الإحالة إلى قرار مجلس الأمن رقم 1593، فإن الحجة الرئيسية لمعارضي القرار قامت بالأساس على انعدام مقتضى توجيه الاتهام إلى الرئيس البشير بشأن الوضع في دارفور استنادا إلى بطلان إجراءات الاستدلال وأعمال التحريات التي قام بها المدعي العام للمحكمة الجنائية.

ويخلص أنصار هذا الرأي إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لا اختصاص لها، ولو بإحالة من مجلس الأمن، إلا بشأن الدول الأطراف في نظامها الأساسي، باعتبار أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية لا ينشئ سلطانا لمجلس الأمن يخوله إخضاع دولة ليست طرفا في اتفاقية المحكمة لأحكام هذه الاتفاقية.

والحقيقة إن الموقف المعارض لقراري إحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية وقرار توقيف البشير، تبنته بالأساس دول ما كان يعرف بالعالم الثالث، وفي مقدمها الدول العربية، ومعظم الدول الأفريقية والإسلامية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي وبعض دول أميركا اللاتينية، وبقدر ما الصين وروسيا.

ويتمثل موقف هذه المجموعة في رفض قرار المحكمة الجنائية باعتبار أنه يمثل عقبة أساسية في سبيل التوصل إلى تسوية سلمية لأزمة دارفور، كما سيزيد من تعنت حكومة السودان، ولن يحقق الاستقرار المنشود، وبالتالي لن يحقق العدالة المرجوة من إصداره.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 251 مشاهدة

ساحة النقاش

حقوق الإنسان Human rights

Human-right
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

11,109