لا شك ان ظاهرة التغير المناخي اصبحت أحد القضايا العالمية لما لها من تأثيرات خطيرة تهدد مستقبل الإنسان على الأرض. فقد أشارت إحدى الدراسات الصادرة عن المنظمة الدولية للأرصاد الجوية إلى ارتفاع في متوسط درجات الحرارة عالمياً بنحو أربع درجات مئوية بحلول عام 2060، ومن المحتمل أن يؤدي هذا الارتفاع السريع إلى تهديد استقرار العالم من خلال تعطيل إمدادات الغذاء والماء في أجزاء كثيرة من العالم وبصفة خاصة في قارة افريقيا.

وتشكل التغيرات المناخية إحدى اهم التهديدات للتنمية المستدامة على الدول الفقيرة أكثر منه على الدول الغنية علي الرغم من كونها لا تساهم بنسبة كبيرة من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى و تؤثر التغيرات المناخية على حياة الإنسان وقدرته على الاستمرار حيث أن تغير المناخ يشمل الأبعاد الأربعة للأمن الغذائي من توافر الغذاء، وقدرة الوصول إليه، وقدرة استخدامه، واستقراره، وبالمقياس الكمي لتوافرالغذاء فإن زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الأجواء تنعكس على انتاجية العديد من المحاصيل إلي جانب تزايد خطورة الأمراض النباتية والآفات الحشرية والتي يترتب علىها هبوطٌ كبير في الإنتاجية الزراعية . ومن ملامح التغيرات المناخية التي تحدث في الوقت الراهن الجفاف الشديد الذي يجتاح بعض مناطق العالم والأمطار الغزيرة المسببة للفيضانات والسيول المدمرة في مناطق أخرى.

ويعتبرالمسبب الرئيسي لهذه التغيرات المناخية هو ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري وهو نتاج تزايد الإنبعاثات الغازية والحرارية من الأرض نتيجة لتزايد النشاط الصناعي والاستخدامات الصناعية المتزايدة وإحتراق الفحم واستخدام المواد اللبترولية . حيث ان الأنشطة البشرية تنتج نسبة كبيرة تصل إلى نحو 78٪ من غاز ثاني أكسيد الكربون .

ومصر ليست ببعيدة عن ذلك بالرغم أن مصر ليست مساهما كبيرا في انبعاثات غازات الإحتباس الحرارى العالمية المسئولة عن التغير المناخي في العالم حيث تساهم بنسبة 0.61 ٪ فقط من إجمالي الإنبعاثات العالمية فمثل تلك التغيرات المناخية سوف تؤثر على الموارد الطبيعية المتاحة، خاصة على موردين أساسين تتميز مصر بالندرة النسبية فيهما، وهما الارض الزراعية والمياه، الأمر الذى يؤدى إلى تأثيرات مباشرة وبعيدة المدى على قطاع الزراعة الذي يساهم بنسبة 11٪ من إجمالي الناتج المحلي ويشاكل 20٪ من إجمالي الصاادرات والعائدات الخارجية.

و يعتبر قطاع الزراعة قطاعًا شديد الحساسية للتغيرات المناخية نظرًا لاعتماده على الموارد الطبيعية أي المياه والأرض ( في ظل مناخ معين وأنواع معينة من النباتات) وبالتالي فإن أي تغيير في المناخ من شاأنه أن يؤثر على كفاءة القطاع والأمن الغذائي، مما سينعكس أيضًا على التنمية الاقتصادية والمستدامة للدولة إلي جانب أن القوي العاملة في قطاع الزراعة تمثل 23.3% كما أن قطاع الزراعة من القطاعات القليلة في مساهمتها في ظاهرة الإحتباس الحراري.

يعتبر قطاع أمراض النباتات ومكافحة الآفات من أكثر القطاعات في مجال الزراعة تاثراً بالتغيرات المناخية ويمكن توضيح ذلك في الأمثلة الأتية:

<!--المناخ يلعب دورًا كبيراً في انتشار المرض النباتي حيث تقل فترة حضانة العامل الممرض مع الاحتباس الحراري. مما يعني أن المزيد من الأجيال من هذا العامل الممرض يمكن أن تتطور خلال موسم النمو الواحد وبالتالي يزداد خطر انتشار الأوبئة و هذا يحدث علي مستوي امراض الأوراق كاللأصداء في الثوم والبياض الزغبي و اللطعة الأرجوانية ولفحة الأوراق في البصل والثوم.

<!--التغيرات المناخية سوف تؤدي لظهور مخاطر لآفات كانت من قبل ليست ذات قيمة إقتصادية ولا تدخل في برامج المكافحة وذلك نتيجة للترحيل في مواسم النمو الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة كصدأ الثوم وامراض لفحة الأوراق في البصل والثوم مما يزيد من خسائرالمنتج الزراعي ومن تكلفة الإنتاج للحاجة لمكافحتها.

<!--بالنسبة للفطريات التي تنتقل عن طريق التربة فإن إرتفاع درجات الحرارة مع الإجهاد المائي الناتج عن نقص المقننات المائية تؤثر بالسلب علي مقاومة الأصناف مما يؤدي إلي زيادة الإصابة ومن أهم هذه الأمراض مرض عفن الجذر القرنفلي قي البصل والثوم.

<!--الفطريات التي تحدث الاصابة في الحقل وتنتشر في المخزن بشكل عام من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة وجودها وانتشارها مثل مرض العفن الهبابي او الأسود في البصل .

ومما سبق يوضح أهمية التركيز علي إيجاد حلول تمكنا من مجابهة خط التغير البيولوجي في النظام البيئي والتي من شأنها أن تؤثر تأثيراً مباشراً في عملية الإنتاج الزراعي والتأثير علي المستوي الغذائي وهذا يتطلب تركيزا في الاستراتيجية بتعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي لمكافحة تغيرالمناخ ومكافحة الأمراض ومدي انتشارها ومن هنا كانت الحاجة إلى تهيئة المحاصيل الزراعية للتكيُّف مع التغيرات المناخية المحتملة وذلك عن طريق:

<!--استنباط أصناف جديدة تتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف وهي الظروف التي سوف تكون سائدةً تحت ظروف التغيرات المناخية.

<!--استنباط أصناف جديدة موسم نموها قصيرلتقليل الاحتياجات المائية اللازمة لها وبالتالي تكون غير مستهلكة للمياه وتزيد الإنتاجية.

<!--العمل علي زيادة  استنباط أصناف جديدة مقاومة للأمراض مما يتيح تقليل تكلفة الإنتاج عن طريق تقليل الخسائر الناتجة عن العامل المرضي والتي تقدر بـ25% في الحالات المتوسطة وتتخطي 80% في الحالات الوبائية إلي جانب توفير التكلفة الناتجة عن إجراءات المكافحة.

<!--التوسع في المكافحة البيولوجية للتقليل من إستخدام المبيدات التي لها تأثير مباشرعلي ظاهرة الإحتباس الحراري.

<!--التركيز في الأبحاث علي إيجاد عامل حيوي يمكنه التأقلم مع  التغيرات المناخية والإرتفاع المنتظر في درجات الحرارة وإستخدامه في المكافحة البيولوجية لزيادة كفاءة المكافحة.

<!--تقليص استخدام الأسمدة والتدوير الجيد للمخلفات الزراعية حيث يمكن أن يسهم هذا بصورة إيجابية في تخفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

<!--تطوير برامج المكافحة المتكاملة لمجابهة التغيرات البيولوجية الناتجة عن التغيرات المناخية وتقليل إنتشار العامل الممرض.

 

EmadQotp

Prof.Dr. Emad El-Din Yousef Mahmoud

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 428 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د. عماد الدين يوسف محمود قطب

EmadQotp
أستاذ دكتور بمركز البحوث الزراعية المصري - معهد بحوث أمراض النباتات ماجستير فسيولوجي نبات- دكتوراه في امراض النباتات التخصص الدقيق امراض الفطريات والسموم الفطرية Email: [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,044,227

الأمراض الفطرية