يحكي لنا د.إبراهيم الفقي فيقول: (كان عندي صديق عزيز، كان رجلًا ناجحًا في عمله، وكان ثريًّا جدًا، يعمل كل يوم من 16 إلى 18 ساعة، يدخن أربع علب سجائر يوميًّا، يشرب من 14 إلى 18 فنجانًا للقهوة، وظل على هذا الحال أكثر من 3 سنوات، لم يأخذ يومًا راحة أو إجازة.

في خلال هذه المدة شعر بصداع غير طبيعي وفجأة أغمي عليه، وعلى إثرها نُقل سريعًا إلى المستشفى، فقد حدثت له جلطة في الجزء اليمين من المخ وظل في غيبوبة فترة طويلة، وظل في المستشفى شهرًا ونصف شهر، وبعد ما أجريت له عدة فحوصات وعمليات أصيب بشللٍ نصفي.

وقد كنت في جولة حول العالم فقطعت جولتي وذهبت إليه، فقد كان صديقًا عزيزًا عليَّ فنظر إليَّ وهو يبكي، وقال: هل رأيت ما حدث لي؟ فرددت عليه قائلًا: سوف أطلب منك شيئًا فهل هذا ممكن؟ قال: ماذا؟

قلت: أولًا: أشكر الله على كل ما حدث.

ثانيًا: ماذا تعلمت مما حدث، قال: تعلمت الكثير، تعلمت كيف أحافظ على صحتي وكيف أهتم بها.

وبعد فتره بدأ يتماثل الشفاء، فعاد إلى التدخين كما كان أو أكثر، فحدثت له جلطة مرة ثانية ولكنها أصعب، ومرَّ بعدة مشاكل حتى وصل إلى الموت).

أرأيت عزيزي القارئ فالإنسان قد يفقد الكثير الكثير إذا لم يُلقِ بالًا إلى أعظم نعمة أنعم الله بها عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) [رواه البخاري، (6094)]، فالصحة هي أعظم ما يملكه الانسان كما يقول هيبو كراتز: (الرجل الحكيم هو الذي يعتبر أن الصحة هي أعظم نعمة للإنسان).

مقياس الصحة:

ولعل السؤال الذي يشغل الكثير من الناس: ما هو المقياس الحقيقي للصحة؟ أو كيف أستطيع أن أحكم على مستوى صحتي؟ والجواب لا يحتاج أكثر من ثلاث كلمات: (الطاقة هي مقياس الصحة)، وعندما تكون طاقتك عالية، تستطيع أن تؤدي أعمالك بأعلى كفاءة.

فالطاقة هي الدافع الأساسي من دوافع النجاح، فالمرء يكون أكثر حماسة للعمل والنجاح حينما تكون طاقته عالية، لذا؛ احرص دائمًا على أن تحافظ على رصيد مناسب من الطاقة، وتجنب لصوص الطاقة.

لصوص الطاقة:

   أولًا ـ سوء عملية الهضم:

هل حدث أنك استيقظت صباحًا بعد نوم عميق لمدة ست أو ثماني ساعات ومازلت تشعر بالتعب؟ إذا حدث ذلك فأحد أسباب ذلك هو سوء عملية الهضم، فقد تكون تناولت وجبة دسمة وذهبت للنوم بعدها مباشرة، ففي هذه الحالة يكون الجسم مستيقظًا ومنهمكًا في هضم الوجبة الدسمة التي أنهكت بها قواه.

ويحدث الشيء نفسه عندما تتناول وجبة كبيرة عند الإفطار فإن أكثر من 80% من الدم يتجه للمعدة لمساعدتها على الهضم، وإذا ما تناولت وجبة أخرى خلال أربع ساعات فأنت تجهد جسمك أكثر من اللازم؛ مما يسبب نقص الطاقة عندك.

لذا؛ يوجهنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاقتصاد في الطعام فيقول: (ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسه) [رواه الترمذي، (2554)، وصححه الألباني، (2380)].

   ثانيًا ـ القلق:

عندما تشعر بعدم الأمان بالنسبة لأي شيء متعلق بالعمل مثلًا أو بالعلاقات الاجتماعية, وتظل دائم التفكير في هذا الشيء، فإنك ستفقد جزءًا من طاقتك الجسمانية؛ حتى تُغذي عملية التفكير وبالتالي تشعر بأن طاقتك ضعيفة .

   ثالثًا ـ الإجهاد:

عندما تجهد نفسك أكثر من اللازم ستشعر بالتعب وتشعر بنقص في الطاقة، وستصبح على الأرجح أكثر حدة وعنفًا وطيشًا، وتؤدي هذه الأمور إلى صعوبات في العلاقات مع الآخرين أينما كنت، وعلى الجانب الآخر، عندما تكون بحالة جيدة، وعندما يكون مستوى طاقتك مرتفعًا فمن المرجح أن تكون حينئذٍ متحمسًا ومراعيًا لمشاعر الآخرين.

فجِّر طاقاتك:

ومادامت الطاقة هي وقود حياتنا، فيلزمنا أن نتعلم كيف نرفع طاقتنا؟ فهذا هو السؤال الذي يجب أن نركز عليه.

فالطاقة تنقسم إلى نوعين: الطاقة الجسمانية، والطاقة العقلية، لذا فتعالِ معي عزيزي القارئ لنتوقف على أهم الأسباب التي تعين على تفجير الطاقة، سواءً كانت العقلية أو الجسمانية.

  أولًا ـ الطاقة الجسمانية:

وتشمل ضروريات الحياة الصحية الجيدة من التغذية الجيدة، والرياضة، والراحة والنوم والنظافة والاعتناء بصحة الجسم.

1.   نظام التغذية:

والذي نعنيه هنا بنظام التغذية هو أن يكون الغذاء متكاملًا متوازنًا، يمد الجسم بالمواد الغذائية التي يحتاج إليها للنمو الصحي، ولا نقصد نظام التغذية (الرجيم)، فقد اكتشف الباحثون في جامعة هارفارد أن 99.9% من نظم التغذية لا يؤدي إلى نتيجة مجدية، والذين يتبعون هذه النظم لإنقاص الوزن عادة ما يعودون إلى وزنهم الأصلي، وأحيانًا إلى أكثر من هذا الوزن.

وهناك بعض القواعد الذهبية في التغذية والغذاء:

·       يأكل العقلاء ليعيشوا ولا يعيشون لكي يأكلوا فقط.

·       لا تأكل حتى تجوع، فإدخال الطعام على الطعام داء قاتل.

·  نوِّع طعامك واجعل أكثره نباتيًّا وبخاصة من الفواكه والخضروات الطازجة، وقَلِّل من اللحوم والدهون، وحبذا لو جعلت تناولك للحوم في الأسبوع مرة أو مرتين فقط.

·       ابتعد عن تناول المصنعات والمعلبات والمحفوظات قدر المستطاع.

·       لا تملأ بطنك، نصيحة لم يجمع الأطباء على مثلها عبر العصور.

·       لا تتهاون في نظافة طعامك، فالطعام الملوث سُمٌّ لا غذاء.

·       لا تأكل بين الوجبات ما لم يأمرك بذلك الطبيب.

·  أكثر من شرب الماء وتأكد من أنه نقي، وحبذا لو عوَّدت نفسك على عدم الشرب أثناء الأكل وبعده مباشرة.

·       احذر من الإفراط في استعمال الملح والسكريات، فلذلك عواقب وخيمة على الصحة إذا تقدم العمر.

·  حبذا لو تركت شرب الشاي والقهوة والمشروبات الغازية أو قللت منها قدر الإمكان واستبدلت مكانها الماء النقي والعصير الطازج.

2.   الرياضة البدنية:

إن من أفضل وسائل حفظ حيوية الجسد وقدرته على القيام بأعباء الحياة بالإضافة للتغذية الجيدة ممارسة الرياضة باعتدال وبالقدر الكافي، وهذه بعض التوجيهات العامة في التعامل مع الرياضة:

1.   اجعل الرياضة جزءًا من برنامجك الذي لا تنساه في جميع أحوالك وأقل ذلك المشي والسباحة.

2. لا تدمن الرياضة فتصبح غاية لك لا وسيلة وتترك من أجلها حينئذٍ مسئولياتك تجاه ربك وعملك وعائلتك وتسبب لك إشكالات مع الآخرين.

3. استشر أخصائيًّا في تحديد تمارين منوعة لجميع الجسد شريطة أن تكون سهلة ولا تأخذ منك وقتًا ثم حافظ عليها في سفرك وحضرك.

4.   لا تمارس الرياضة بعد الأكل مباشرة حين تشكو من شدة الجوع.

  النوم:

قال تعالى : {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [الروم: 23]، فالنوم أحد الأسرار الإلهية العجيبة التي أودعها الله في خلقه، والتي لا يستغني عنها الإنسان بحال من الأحوال، فبعد أن يبلغ التعب بالإنسان غايته والجهد مداه يتغشاه النوم، ثم يستيقظ فإذا بحيويته قد تجددت.

وهذه القواعد المثلى في التعامل مع قضية النوم:

1.   أفضل قاعدة في التعامل مع النوم عرفها الإنسان هي: نم مبكرًا واستيقظ مبكرًا.

2.   لقد ثبت علميًّا أن أفضل أوقات النوم ما كان بعد صلاة العشاء، وأن الساعة من النوم في أول الليل تعادل ساعتين من آخره ولا يقوم مقامها ساعات من نوم النهار.

3.   لا تنم بعد الأكل مباشرة، بل اجعل بينهما فترة من الاسترخاء.

4.   أسوأ أوقات النوم ما كان في أول النهار أو بين العصر والمغرب، ولكل قاعدة استثناء كما يقال.

5. لا تكن من الذين يقضون أغلب حياتهم في الفراش، بل اذهب إلى الفراش عند الحاجة إلى النوم وغادره عند عدم الحاجة إليه.

6.   يستطيع الإنسان أن يتعود على الاكتفاء بقدر قليل من النوم بالتدرج في ذلك.

7.   لا تنسَ دعاء النوم والاستيقاظ ودوام ذكر الله كلما صحوت من نومك.

  ثانيًا ـ الطاقة العقلية:

       إن القلق والتوتر هم من أعظم لصوص الطاقة، لذا إذا أراد المرء أن يحافظ على طاقته، فلابد أن يتعلم كيف يسترخي؟

1.   حدد وقتًا لكل يوم تستطيع فيه الاسترخاء، دون أن يقلقك أحد، وليكن لمدة نصف ساعة.

2.   أوجد مكانًا مريحًا لعملية الاسترخاء.

3. اعلم أن الاسترخاء يكون عقليًّا كما يكون جسمانيًّا، فالاسترخاء الجسماني هو أن ترخي كل عضلات جسدك، أما أفضل وسيلة للاسترخاء العقلي هو بالاسترخاء التخيلي، وهو أن تتخيل تلك الأماكن أو المواقف التي تبعث على الهدوء، كأن تتخيل موقفًا هادئًا على ضفة أحد الأنهار.

وختامًا:

       إذا لم تحافظ أنت على جسمك فمن الذي سيحافظ لك عليه، فتذكر دائمًا أن الوقاية خير من العلاج، وأنه بالحصول على الطاقة القصوى ستستمر في الطريق إلى النجاح والسعادة بلا حدود.

المصدر: موقع المفكرة الاسلامية
Education-Commerce

Asmaa Elnahrawy

  • Currently 119/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
39 تصويتات / 944 مشاهدة
نشرت فى 17 سبتمبر 2010 بواسطة Education-Commerce

ساحة النقاش

nazrat
<p><strong>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته </strong></p> <p><strong>أحييك يا أسماء على ما ذكرتيه فالطاقة هي سر الحياة والصحة فبغيرها لا نقوى وهو الأهم على الذكر والصلاة بل يحبو قريبا منا الاحباط ويتسلل الينا الشيطان من أسهل الأبواب ومن حيوية الطاقة ألانغتاب&nbsp; ولا نقع في نميمة ولا تشغلنا الناس إن علو ولم نعلو مثلهم بقدر ما تشغلنا أنفسنا وليكن حسابنا معها يوميا من ذكر جميل لله جل وعلا فهو مفتاح الطاقة لكل يوم بل كل لحظة </strong></p> <p><strong>ثم نأخذ عليك عدم اهتمامك ببياناتك الشخصية وذكر أرقام التليفونات للاتصال وتبادل النفع إن شاء الله وإن رأيتي الايميل فليكن وأهلا بك يا بنيتي في مدونة&nbsp; "نظرات "&nbsp; </strong></p>

عدد زيارات الموقع

894,990