د.عبدالرحمن إبراهيم زنونى

الموقع الإستشارى لإنشاء مزارع الإنتاج الحيوانى

 العقاب السريع

 

 

 

 

 باع بقرته التي لا يمتلك سواها بثلاثة آلاف ليرة وقبض الثمن ووضعه في كيس ثم دسه في وسطه … وتوجه إلى منزله وعليه علامات الحزن والحسرة وعلمت زوجته ببيع البقرة التي يمتلكونها فأخذت تعزيه عن فقدها وتمنيه بأن الله سيعوض عليهم بأحسن منها…

 

 وجاء الليل وآوى الناس إلى منازلهم من شدة البرد . وجلس الرجل " أبو حسن " وزوجه في غرفتهما المتواضعة ، وبينما كانت أم حسن تعلل طفلها بالرضاع الكاذب لتملحه على الفطام إذا بطرقات خفيفة على باب الدار .

 

فتح أبو حسن الباب فإذا برجل يرتجف من شدة البرد والمطر يقول : غريب ألجأني البرد إلى قريتكم ولا أعرف بها أحداً ، وأنا في طريقي إلى حمص ، فقال أبو حسن : ماذا نستطيع أن نقدم لك ونحن أسرة فقيرة وبيتنا ضيق لا يساعدنا على استقبال الضيوف ... فقال الغريب : أرجوكم البرد شديد اسمحوا لي فقط بالمبيت عندكم حتى الصباح ولا أريد أن أكلفكم أية نفقة

 

فقال أبو حسن : ليس لدينا سوى هذه الغرفة أنام بها أنا وزوجتي وطفلنا الصغير ، فاعذرنا لعدم وجود مكان لك ، فقال الغريب : أنا في هذه الزاوية وتنامون أنتم في الجانب الآخر ويمكنكم أن تضعوا بيننا حاجزاً وأجركم على الله ،

 

رق قلب أم حسن لهذا الغريب وقالت : يعيننا الله يا أبا حسن ولعل الله يرد عنا المصائب بحسنة هذا الضيف الغريب... ورحبا بالضيف ثم قام كل إلى فراشه بعد أن أعدوا للضيف ما وجدوا لديهم من غطاء وفراش ، وما لبث أبو حسن وزوجه أن غطوا في نومهم فقد أجهدهم التعب والسهر . كان الغريب يراقب أهل الدار حتى تيقن أنهم استغرقوا في نومهم وإلى جانبهم طفلهم الرضيع

 

فقام الغريب من فراشه على أطراف أصابعه وراح يتحسس موضع الطفل فحمله وخرج به من الغرفة ووضعه بعيداً في فناء الدار .. وعاد إلى فراشه وتظاهر بالنوم.. وأحس الطفل بلسع البرد فراح يبكي فاستيقظت أم حسن على بكائه وتحسست فراش الطفل فلم تجده فيه فأيقظت زوجها وقالت له : لقد حبا الطفل إلى فناء الدار قم بنا نعيده إلى فراشه قبل أن يضره البرد ، فقاما حتى وصلا إلى الطفل وانحنت عليه أمه وضمته إلى صدرها وهي تقول : لهفي عليك يا ولدي ما الذي أخرجك من فراشك في هذا البرد الشديد

 

وكان أبو حسن وزوجه يتجهان بطفلهما نحو الغرفة حتى خر السقف وانهدمت الدار فوقعا واجمين وسمع الجيران فرقعة الخشب وسقوط السقف فجاءوا ليسهموا بالإنقاذ ، فقال أبو حسن : يا ناس عندنا ضيف في داخل الدار يجب أن ننقذه قبل كل شيء

 

ودخل أبو حسن بصحبة بعض الجيران وسعوا إلى موضع الضيف فلم يجدوه ، فأخذوا يرفعون الأنقاض حتى وصلوا إلى سرير أبو حسن وإذا بالضيف ميتاً تحت الأنقاض وبيده كيس النقود وقد أخرجه من تحت الوسادة التي ينام عليها صاحب الدار

 

كان هذا اللص قد حضر السوق ورأى أبا حسن وهو يبيع البقرة ويضع ثمنها في الكيس فقرر سرقة الثمن ورسم الخطة لاختلاس المال وتبع أثر صاحب البقرة من بعيد حتى رآه يدخل الدار ، فلما أذنوا له بالمبيت حمل الطفل ليلاً إلى خارج الدار وتركه يبكي ليخرج أهله ، وعندها يتسنى له أخذ الكيس الذي فيه ثمن البقرة ، وقد رأى أبا حسن يدسه تحت الوسادة

 

 كان اللص يضع الخطة وكان الله له بالمرصاد ، فما كاد ينفذ خطته حتى تأذن الله أن يتعجل بالعقاب لهذا الماكر الشرير منكر الجميل ، وأن ينقذ الطفل وأهله من سوء المصير ، فأوحى إلى الطبيعة فثارت ثورتها وسقط السقف على اللص فقضى نحبه تحت الأنقاض ، فلئن غفل الإنسان لا تغفل يد الله… وانصرف الناس وهم يقولون : هذا مثل الجزاء السريع للذنب الفظيع ، وحقاً إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب .

 

 

المصدر: groupalahly
Drzanouny

د.عبدالرحمن زنونى - استشارى الثروة الحيوانية- استاذ(م) بقسم الإنتاج الحيوانى-كلية الزراعة-جامعة المنيا-جمهورية مصر العربية [email protected](002)01092994085

  • Currently 108/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
33 تصويتات / 308 مشاهدة
نشرت فى 4 إبريل 2010 بواسطة Drzanouny

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

784,892