يعد هذا الكتاب من الكتب المهمة التي تتناول تطوير الجامعة في مصر ، وخاصة في الوقت الذي ساد فيه الكثير من أوجه النقد للجامعات المصرية وما تقدمه من خدمة تعليمية باتت محل نقد نظرا لما يشوب واقع التعليم داخلها من مساويء عديدة ، وقد صدر الكتاب عن مؤسسةالأهرام في أول فبراير 2007 العدد 233 ليحمل عنوان "نحو استراتيجية لتطوير التعليم الجامعي في مصر" لأستاذ التربية الدكتور سعيد إسماعيل على ، ويعد موعد صدور الكتاب أكثر من ملائماً حيث أن قضية التعليم وتطويره تمس حياة ومستقبل مصر.

           والكتاب محاولة جادة من صاحبه للمشاركة في الحوار المجتمعي الدائر حول ما طرحته وزارة التعليم العالي من رؤية لتطوير القوانين والتشريعات التي تنظم التعليم العالي.

يتناول الكتاب الذي وصل عدد صفحاته إلى 113 العديد من الموضوعات حيث تعرض لمفهوم الاستراتيجية والأبعاد المجتمعية حاضراً ومستقبلاً وبين واقع الجامعة المأزوم الذي أرجعه إلى عدة عوامل ليست وليدة هذا العام وإنما تمتد منذ سنوات طويلة مضت ولم يتم العمل على حلها أو تحسين الصورة بدرجة ملحوظة.

وتشير بعض ملامح الواقع المتأزم إلى وجود تناقضات وفجوات تجعل العمل الجامعي ينحرف عن مساره الصحيح إلى مسار آخر وهذا يتطلب فلسفة واضحة للتعليم الجامعي.

أما الإدارة الجامعية فتعانى من الروتين والبيروقراطية وبطء الإنجاز مع غلبة الشكلية الذي أضفى على الإدارة الكثير من السلبيات والمشكلات وبات الوضع مجرد عمليات تسكين مؤقتة، ثم يصل إلى سياسة القبول في الجامعة التي تقدس مجموع الدرجات وتضرب عرض الحائط برغبات الطلاب مما كان سبباً في انتشار مشكلات عديدة في المجتمع مثل الدروس الخصوصية وغيرها .

وأيضاً الازدحام الطلابي الذي اثر سلباً على مستوى الأداء التعليمي سواء بالنسبة للطالب أو عضو هيئة التدريس ، وكذلك ضعف الإعداد في التعليم قبل الجامعي مما يمثل حجر عثرة أما دور الجامعة فتضطر إلى تعليم أوليات لم يعلمها التعليم قبل الجامعي.

وأما الدراسات العليا فهناك تدنى في نسبة الالتحاق بها فضلاً عن إضاعة وقت وجهد وأموال كثيرة في تناول أبحاث مكررة تبعد كثيراً عن ملاحقة البحوث الجامعية العملية والعلمية والإبداعية.

وأيضاً هناك التنميط الذي عاب واقعنا الجامعي ورسخ أفكار التبلد وعدم التجديد والجرأة والمبادأة والحيوية.

أما طريقة التعليم فأصبحت تعانى من سلبيات لأنها تقوم على الحفظ والاستظهار ونتج عنها عقول نمطية مقلدة تفتقد القدرة على الابتكار.

أما التمويل فهو مرتبط بظروف الميزانية العامة للدولة وما يرتبط ذلك بالمشكلات والأزمات من عجز في الميزان التجاري أو عجز الموازنة ووصولاً إلى المكتبات الجامعية التي تعانى من قلة إعدادها فضلاً عن قلة إمدادها بالكتب الكثيرة والحديثة ، وكذلك ضعف الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لإنجاز العمل بدقة وسرعة كاستخدام الحاسب الآلي والانترنت ويعد الكتاب المقرر اكبر معارض لفلسفة التعليم الجامعي وأهدافه وكيف يتماشى ذلك مع تكوين شخصية الطالب القادر على البحث والتفكير الحر المبدع.

وأخيراً ثنائية الجامعة والمعاهد العليا والمشكلة في عدم وجود مقومات أساسية للتميز بين كلا القطاعين من حيث الفلسفة والوظيفة.

وبعد استعراض المؤلف لواقع الجامعة المأزوم تناول مفهوم إدارة الجودة الشاملة في التعليم من حيث الفلسفة والهدف والعملية.

ثم وضع رؤى مستقبلية لرفع كفاءة التعليم الجامعي والعالي متناولاً فلسفة التعليم الجامعي والتي تنطلق من الملامح التي تشكل الإطار الفكري العام للمجتمع الذي ترسم فلسفة تعليمية.

-       ابتعاث الإرادة الوطنية.

-       التنمية البشرية .

– التنوع الفكري.

-       التحول إلى مجتمع معرفي.

– تواصل النهضة.

-       دور المجتمع المدني .

– تراكمية المعرفة العلمية.

     وعندما تناول الأهداف أشار إلى خصائص التربية التي يجب أن تتسم بها الجامعات في تربيتها لطلابها وهذه الخصائص هي :-

-       التربية التغيرية لا المحافظة.

-       التربية الحوارية لا التلقينية.

-       التربية الانفتاحية لا الانغلاقية.

-       التربية التعاونية لا الفردية.

-       التربية التكاملية الشاملة لا الجزئية الضيقة.

-       التربية العلمية العقلانية الناقدة لا النقل والتسليم.

-       التربية الإبداعية لا تربية الذاكرة.

-       التربية الديمقراطية لا التسلطية.

-       التربية المستمرة لا الوقتية.

-       التربية التوقعية لا العشوائية.

أما عن استقلال الجامعات فقد عبر عن ضرورة حرية الجامعات فيما يلي :-

-       حرية اختيار أعضاء التدريس بها والاستغناء عنهم.

-       حق الجامعة في اختيار طلابها.

-       حق الجامعة في وضع المناهج المختلفة.

-       حقها في اختيار برامج البحث العلمي.

-       حقها في توزيع الاعتمادات والموارد المالية المتاحة.

هذا بالإضافة إلى تفعيل الإدارة الجامعية ومعايرة الأداء الجامعي والمحاسبة عليه ، وشبكة جامعية قومية للمعلومات ، وأضاف المؤلف ملحق رؤية وزارة التعليم العالي ليشغل الصفحات من 92 إلى 112.

مجمل القول أن هذا الكتاب يعد إضافة جيدة للمكتبة العربية ومحاولة مؤلف جاد لإثراء الحوار الدائر حول تطوير التعليم الجامعي. والغريب أن الكتاب لم يحدث أثر في مجتمع

 الجامعة فلم تعقد ندوة أو سيمنار في أي كلية من كليات الجامعة المصرية لمناقشته، ولم نشاهد أي كتابة ناقدة لهذا العمل أو اعتراض علي جزء منها أو إضافة وهذا ما يدفع إلي التساؤل   هل المسئولين عن التطوير الجامعي مشغولين بدرجة كبيرة – طبعا في تطوير الجامعة – لدرجة أنه لا وقت لديهم لقراءة ما كتبه المؤلف ، أم إننا أصبحنا نهتم فقط بما يدخل في حيز اهتماماتنا التي تعود علينا بالأموال والمكسب المادي فهو الشغل الشاغل لأساتذة الجامعة في ظل مرتباتهم القليلة ، وأعتقد أن هذا الكتاب لو كان قد صدر في إسرائيل مثلا لكانت قد عرضت تلك الاستراتيجية علي أعضاء هيئة التدريس ليس علي مستوي الجامعات بل علي مستوي كل قسم من أقسام كل كلية ، ندعو الله أن يلتفت المسئولين عن تطوير التعليم الجامعي إلي هذا الكتاب لترجمة ما به من آراء وأفكار بما ينفع التعليم الجامعي ويدفع به إلي الأمام .       

                                       

المصدر: نحو استراتيجية لتطوير التعليم الجامعى فى مصر تأليف : د. سعيد إسماعيل على نحو استراتيجية لتطوير التعليم الجامعى فى مصر تأليف :أ. د. سعيد إسماعيل على عرض : د.ناصر على
  • Currently 185/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
63 تصويتات / 2653 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2010 بواسطة Drnasser

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

109,323