الدكتور: السيد عبد المنعم حجازي

Lecturer of commercial science in ministry of higher education, HICSC. Elaresh. Egypt

مصر سامقة حتى الأبد

سألت نفسي كثيراً خلال سنوات مرت منذ يناير 2011، عدداً من الأسئلة التي أراها محل اهتمامي الشخصي، والتي تروق لي، ماذا يحدث لمصر؟، ما شكل الحياة السياسية في مصر بعد أحداث يناير 2011؟، هل يمكن أن يتم تطبيق الأحكام العرفية وسط الصخب الذي يحدث في مصر حتى يتوقف الاعتداء على مؤسسات الدولة؟، ترى من يمكن أن يكون فارساً للحلبة السياسية في مصر بعد يناير 2011؟.

حاولت الإجابة عن بعض هذه الأسئلة وبعضها لم أجب عليه، بل أجبت عن عدد آخر من الأسئلة التي تقتضيها طبيعة البحث العلمي، وذلك عبر أسئلة البحث الذي قدمته للمؤتمر الدولي الرابع "الاستثمار الاقتصادي الاجتماعي العربي في ظل مناخ الحرية والعدالة الاجتماعية" والمنعقد في مصر، إبريل 2012، وكان البحث تحت عنوان: "إدارة الأزمة السياسية في مصر بالتطبيق على ثورة 25 يناير"، والذي شخصت فيه ما حدث في مصر، آنذاك، وقبل أن تمر خلال سنة وخمسة أشهر، بالمراحل التي توقعتها وشخصتها، حيث أثبتت الدراسة التي أجريتها أن الأحداث خلال الأيام الثمانية عشرة الأولى التي مرت بها، تنقسم بين ثلاث مراحل هي:

<!--الأولى: مرحلة المغامرة.

<!--الثانية: مرحلة الصمود.

<!--الثالثة: مرحلة الانتهازية السياسية.

وما كنت أدرى أن ذلك سيحدث يوما ما، وذلك:

أولاً: لثقتي الكاملة فيما أخبر به الله عن مصر.

ثانياً: لأنها تلك القامة السامقة، التي تضرب بشموخها، الراسية عبر التاريخ البشرى كله.

ثالثاً ليقيني المطلق في مؤسساتها العريقة، انطلاقاً من القوات المسلحة، ومروراً بالشرطة، وانتهاء بمؤسسات الدولة المدنية الحديثة منذ محمد على، ومروراً وعيني مرتكزتان علي تاريخها الحديث كله، قبل وبعد ثورة يوليو المجيدة 1952.

ولعلنا ندرك حقيقةً أن مجموع تلك الأسباب والمكونات (اللحمة والسدى) نختزنه في الشعب المصري العريق، الذي أرسى قواعد للبشرية، مكنها أن تبقى عبر التاريخ تحمل سمة الحداثة، متى وجدت، فهو من ينحى الوجوه العابثة التي تحول دون الكشف عن هذا الواقع، وهى كذلك بالفعل، فمجموع تلك المؤسسات إنما هي الشعب المصري، بين من يقدم الخدمة للشعب، أو يحصل عليها من بعض أفراد الشعب.

لقد ترددت كثيرا، خوف التملق، أن أكتب تلك السطور، ولكن ما أدركه وما أشعر به، على الحقيقة، هو أن الدولة المصرية تحتاج منى الإجابة عن سؤال رئيس يجب أن نضع له إجابة تتناسب مع ما قدمت من أسباب، ويتمثل السؤال الرئيس في:

هل يمكن للمؤسسة العسكرية أن تسمح مرة أخرى (ولا أقول ثانية) للدولة المصرية أن تنكفئ وتتراجع، أو لا قدر الله أن تنهار على نحو ما مر خلال عامين ونصف؟.

إن الإجابة عن هذا السؤال لا تحتاج للتردد مطلقا، ولا تحتاج التأني، بل لا تحتمل أو تنتظر كتابة هذه الكلمات، لأنها لا ولا وألف لا، وكل لا، التي يمكن أن يتكلم بها بشر، إن المسيرة انطلقت، ولن تسمح مصر بمؤسساتها وعلى رأسها المؤسسة السامقة وهى القوات المسلحة المصرية، التي يجب أن نرفع لها القبعة، ولا نجلس مطلقا مهما طال الوقت أو امتد الزمن أو سهرنا ليلنا كله، أو استيقظنا مبكرين، أو حتى لم نر النوم ليلا، وذلك حتى تعبر مصر من مدارج الضعف الاقتصادي، إلي التقدم.

إنني في تلك الفترة كنت أعبر عن رأيي ويوافقني الرأي كثيرون أن مصر سامقة، تحتاج لقامة تعتلى عرشها، يكون على مقدارها، وحتى لو تنكبت الطريق، فلا يمكن أن نظل على تلك الحال، إذ لا بد من الحفاظ على تلك الأمة، شعباً وجيشاً وشرطةً ومؤسساتٍ مدنية، وتاريخ وجغرافيا، ومياه وزراعة، وصناعة، وتعليم وبحث وصحة ....... إلخ.

وحدث ما كان (2012/2013) وما كان يجول بخاطري ومنذ اللحظة الأولى لبدايات المقدمات لـ 30/6/2013، أن مصر يمكن أن تتراجع ولو خطوة واحدة للخلف، أو يمكن أن تنظر خلفها، أو تطرق تحت قدميها، أو على الأقل يمكن أن تعطى نفسها فرصة التمهل للتفكير في هنيهة، فلله المثل الأعلى، لا يمكن أن تنتابها لحظة من لحظات "سنة ولا نوم"، فالوقت يمر ولا يرحم، وعلى من يتخلى أن يركب المخاطر، إن وجد فرصة الركوب.

أعرف يقينا أن مصر تسير بخطى ثابتة راقية، بعكس ما كان يراه كثيرون من العقلاء، (د أحمد مصطفي في دراسته "دراسة في مشكلة وضع الدستور 2012) الذين كانوا -على إحسان الظن-، يرون أن مصر سارت في طريق لا يمكن أن ترجع عنه قبل ثلاثين أو أربعين عاماً، وفى أحسن اللحظات كانت رؤيتهم تؤكد أن أحفادهم هم من سيعودون بمصر لطبيعتها، ولكنني كنت على عكس تلك الرؤى، كنت أرى ويوافقني كثيرون، أن مصر في طريقها لشعبها، على عجل، وستعود رغم أنها تنكبت الطريق، فسرعان ما يرجع المخطئ المحظوظ -إذا كتب الله له التوفيق-، فيتبصر الطريق، ويترشد الخطوات، ويسلك دروب الهدى.

تأكد لي أن ما أقوم به من تعبير عن رأيي تجاه القامة السامقة، ذات ذهب الأصيل، وشمس النهار، وعبق التاريخ، تأكد لي وعلى عكس ما كتب أحد الأساتذة هو الدكتور عبد المنعم سعيد، والذي كتب مقالاً عن أرض النفاق، قاصداً بها مصر، ومع احترامي لشخصه ورأيه وفكره، فمصر ليست على هذا النحو، لكن تبقى مصر، فلا يجوز أن نزور مريضا أشرف على الموت ونقول له "إنك تموت"، والحمد لله مصر ليست مريضا، ولن تموت.

لقد عرفت مثل وطني وتأكدت مثل شعبي، وبصرت مثل أمتي المصرية، وأيدت مثل أمتي العربية، فكل أمر دون سلامة وطني فهو هين، وكل مصاب دون مصر فلا يساوى شيئا، لأنني أعرف لمصر الفضل كل الفضل، بين ربوعها نشأت، وعلى ترابها سرت، ومن خيراتها أكلت، ومن مائها ارتويت، ومن نسيمها تنسمت، ومن عبيرها استنشقت، وفيها عاش أبى وأمي، وكل أخوتي من الشعب المصري، فهي سمائي التي تظلني، وأرضى التي تقلني.

وهى جنتي التي دخلتها ولم أقترف الذنب الذي أستحق بسببه الخروج، فتلك هي الأمة السامقة، مصر التي أعرفها، مصر التي أعشقها، والتي يهون في حبها كل مصاب.

المصدر: من منشوراتي عبر Facebook
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 250 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2016 بواسطة Drelsayedhegazy

د. السيد عبد المنعم علي متولي حجازي

Drelsayedhegazy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

42,801