لعل أهم ما يشغل بال أي مدير مشروع في بلادنا ويؤرق نومه هو أن يقوم العميل – أو الإدارة العليا - بتغيير طلباته وقناعاته ومتطلباته ويقوم بتحديد مواصفات جديدة للمشروع أثناء إنجاز المشروع؛ مما يصيب المشروع بتبدل الخطط، ويصيب مدير المشروع بالارتباك والتوتر؛ فلا شك أن هذا التغيير سيؤثر بالسلب على وقت إنجاز المشروع وتكاليف المشروع المقررة، وكل ذلك بلا شك سيصيب فريق العمل بالإحباط؛ وهذا العنصر الأخير كفيل وحده بإفشال أي مشروع وللأسف لا نوليه حقه من الاهتمام.
ولنعد الآن إلى قضيتنا الشائكة: ماذا تفعل كمدير لمشروع إذا طلب منك العميل أو الإدارة العليا المسئولة عن مشروعك تعديلات جوهرية؟
وتبدو الحيرة في محاولة مدير المشروع إنجاز مشروعه في وقت محدد وبجودة متميزة وبتكاليف مناسبة، بينما هذه المتطلبات الجديدة تدمر هذه الأضلاع الثلاثة، إضافة إلى تأثيرها السلبي على روح فريق العمل – كما أشرنا – ، وخلال عملي كمدير لعدد من المشروعات واجهتني هذه المشكلة مرارًا، وكنت ألتمس الحلول من خبرات الزملاء الأكثر خبرة وحنكة في مواجهة الصعاب، ورصدت مدرستين لعلاج هذه المشكلة:
المدرسة الأولى كانت "الإدارة الشرسة"، وكانت تفضل أن تواجه العميل بحزم وقوة وتلقي بالكرة في ملعبه وتصر على المواصفات التي كتبها في بداية المشروع، وتصعد الأمور حتى ترهب العميل بأن يرضى بما كتب من قبل ويتحمل خطأه، ويدفع ثمن خطئه. ويظل هذا العراك حتى يرضخ العميل ويرضى بالمكتوب، أو يصعد مدير المشروع الأمر لتتفاوض الإدارة العليا لشركته مع العميل ويكون قبولها بالمواصفات الجديدة للمشروع على مسئوليتها، بينما يخرج مدير المشروع من المعركة نظيف اليدين من الأخطاء، ولو لم ينجح مشروعه.
أما المدرسة الثانية في معالجة مشكلة تغيير المواصفات – والتي كنت أميل إليها – فهي مدرسة المرونة والتفاوض السلمي مع العميل .. وهذه المدرسة كانت تركز على أنه لا توجد مشكلة في تغيير المواصفات وقتما يشاء العميل بشرط واحد، وهو تعديل وقت المشروع وإضافة قيمة التعديلات المادية وتوثيق المتطلبات الجديدة والتي سيكون التسليم بناء عليها. وأعتقد أن هذا الأسلوب قد نجح كثيرًا في إرضاء العملاء، بالرغم من أنه قد كلفهم مبالغ إضافية ووقتًا أطول لإنجاز مشروعهم بالصورة التي يريدونها.
ساحة النقاش