مشكلة كبيرة تقع فيها بعض الزوجات في رمضان ليس بسبب مائدة الإفطار والنفقات ولكن بسبب أنّها تفاجأ بأنّ زوجها "مفطر" ولا يقوى على الصيام.. ومن دون أعذار، والمشكلة تزداد تعقيداً مع وجود أبناء في البيت فوالدهم يمثل لهم القدوة والمثل الأعلى!! فماذا تفعل الزوجة في هذه الحالة؟! وكيف تواجه هذا الموقف الصعب عائلياً؟! ولماذا يفطر بعض الأزواج؟!

- سلوى كمال: "التدخين هو مشكلة زوجي، فهو للأسف أصبح مسلوب الإرادة أمام السيجارة حتى أنّه لا يستطيع أن يصوم شهر رمضان الكريم بسببها" بهذه الكلمات بدأت سلوى كمال كلامها، وأضافت: "زوجي لا يستطيع أن يبدأ يومه أو ينزل إلى عمله إلا عندما يشرب سيجارة مع فنجان قهوة وهذا قبل أي إفطار والسيجارة أهم من فنجان القهوة ولهذا السبب هو مفطر في رمضان".

و"في الأيام العادية كنت كثيراً ما أحاول أن أثنيه عن هذه العادة السيِّئة وأحذره من التدخين وأنّه يمكن أن يسبب له الأمراض بل يمكن أن يقضي عليه وهو يعرف وأنا أؤكد له أن الأطباء كلّهم يحذرون من أخطار التدخين حتى شركات السجائر نفسها تعترف بذلك وكنت أقول له انظر ما هو مكتوب على علب السجائر أنّه ضار جدّاً بالصحة ويسبب الوفاة ولكنه لا يستمع إلي وكأني لم أقل شيئاً، بل أحياناً كان يعاندني ويشرب عدداً من السجائر وراء بعضها".

وتكمل سلوى: "كنت أعتقد أن مجيء رمضان سيتكفل بإصلاحه ولكني فوجئت بأنّ هذه العادة السيِّئة أفسدت عليه أجمل شهور السنة، فهو لم يقلع عن التدخين في رمضان، بل يفطر من أجل السيجارة وأقول له للأسف أنك تحرم نفسك من خير كثير بإفطارك هذا، وحاولت معه كثيراً في البداية ولكني فشلت فقد هزمتني السيجارة وأقنعت نفسي أنّه وحده الذي سيتحمل الذنب، ولكن مع وجود أطفال هو القدوة لهم أصبحت المسألة مختلفة بل صعبة ومعقدة فهو والدهم وبالنسبة إليهم نموذج مؤثر في تربيتهم فماذا وأنا أريد تربيتهم تربية دينية صحيحة عندما يرون والدهم القدوة مفطراً في رمضان وأنا أشجعهم على الصيام وكيف يصبرون على الجوع والعطش وهم في سن صغيرة وهم يرون والدهم يفتقد لهذه المقدرة، ولم يكن أمامي إلا الكذب لإقناعهم بأنّ أباهم مريض بمرض لا يقوى معه على الصيام وأنّه سيصوم ما فاته ويعوضه بعد أن يشفى من مرضه"!!.

- حجة واهية:
أمّا سعدية متولي فتقول: "للأسف أعاني من هذه المشكلة مع زوجي فهو يعمل طوال النهار، تحت الشمس وتكون هذه حجته الجاهزة للإفطار في رمضان، فهو يدعي أنّه لن يستطيع أن يعمل وهو صائم لأنّه يحتاج لأن يشرب ماء بشكل دائم وأحياناً يشرب سيجارة مع كوب من الشاي لأن عمله مرهق، وكلام من هذا القبيل الذي لا يقنع أحداً، وعندما أسأله هل كل زملائك مفطرون مثلك يسكت ولا يرد عليّ".
وتنهي السيدة سعدية كلامها فتقول: "المشكلة الآن ليست فيه هو، فقد تعودت على إفطاره في شهر رمضان فالذنب ذنبه وفقدت فيه الأمل ولكن أبناؤه بدأوا في تقليده فهم يتعلمون منه".

- خطوة.. خطوة:
أمّا نجوى محمّد فتقول: "كنت أعاني من هذه المشكلة منذ فترة، فقد كان زوجي يفطر دائماً في رمضان من دون سبب وحاولت كثيراً أن أجعله يلتزم وأحبب إليه الصيام وأحدثه كثيراً عن فضل شهر رمضان بشكل عام وكيف أنّه شهر الخير والثواب العظيم ولكن لا مجيب ويقول لي: إن شاء الله سأصوم العام المقبل، ولكني سأتعود عليه خطوة خطوة، واستمرت هذه الخطوات أعواماً ولم يتغيّر زوجي ولكن حدث أن أصيب بمرض في القلب تطلب أن يجري عملية جراحية لتوسيع الشرايين وتركيب دعامات وفي فترة المرض هذه أقترب زوجي من الله وبدأ يصلي فقد كان لا يصلي إلا الجمعة فقط وأحياناً لا يصليها لأنّه يكون نائماً فبدأ – والحمد لله – يتقرب إلى الله وأحس بنعمة الصحة التي كان فيها وأن الله يريد أن يختبره ويقربه إليه، وجاء شهر رمضان في منتصف فترة المرض هذه، وبدأ زوجي رغم مرضه يحاول الصيام إلا أنّ الأطباء حذروه لأنّه يتلقى علاجاً ولا يستطيع أن يوقفه".
وتكمل عزة: "بفضل الله تم شفاء زوجي وشعر أنّه كتب له عمر جديد فهو كان خائفاً ومرعوباً من فكرة العملية الجراحية ودخول حجرة العمليات وفي رمضان من العام التالي للعملية بدأ زوجي الصيام، وبالفعل فإنّ الإنسان يتقرّب إلى الله في وقت الشدة وشعر زوجي بمأساته وكم ضيّع من السنين من دون صيام ومن دون تقرّب إلى الله بعبادته وندم كثيراً وهو يحاول الآن تعويض ما فاته، وبالفعل صدق الله العظيم عندما قال: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (البقرة/ 216)، فرغم ثقل مرض زوجي والعملية الجراحية التي أجراها إلا أنّها غيّرت مجرى حياته وهدته إلى سبيل التدين والتقرّب إلى الله".

- المانيا السبب:
كانت هذه شكوى بعض الزوجات من عدم صيام أزواجهنّ في شهر رمضان، فماذا يقول الأزواج ولماذا لا يصومون:
حازم فتحي مهندس ديكور يقول: "للأسف بالفعل أنا لا أصوم رمضان، ولكن هناك سبب لذلك وهو أنني لم أتعود على صيامه". وقبل أن نندهش أكمل قائلاً: "لقد عشت طوال حياتي في ألمانيا فوالدتي ألمانية الجنسية وأبي كان طبيباً وقد سافر وهو شاب ليحصل على الماجستير والدكتوراه من ألمانيا ولكن استقر به الحال هناك وتزوج من والدتي، وطوال الأربعين عاماً الماضية تربيت في المجتمع الألماني بكل ما فيه وأعتقد أنني كنت المسلم الوحيد – أنا وأبي – في المدينة الصغيرة التي كنّا نعيش فيها، فكل أصدقائي وجيراني ألمان ولا يعرفون شيئاً عن الدِّين الإسلامي، فكانت تربيتي أوروبية بحتة، وعندما كنّا نزور مصر كنّا نزورها في الاجازات، وبالطبع كنت أعلم أشياء كثيرة عن ديننا الإسلامي ولكن الأهم هو تطبيق هذه المعرفة وممارستها بصراحة لم أتعود على ممارسة أي شعائر إسلامية من صلاة أو صوم وأنا في ألمانيا".
ويكمل المهندس حازم فتحي: "بعد أن تزوجت ابنة عمي وهي مصرية، اصرت على أن نعيش في مصر ولأني أحبها نفذت لها طلباتها وأنشأت مكتباً للديكور في القاهرة ومن آن لآخر نسافر إلى ألمانيا لنطمئن على أبي وأُمّي ونزورهما".
"وزوجتي تحاول الآن تمريني على ممارسة الشعائر الإسلامية مثل الصلاة والصوم وأنا أحاول وإن كنت أجد مشقة في موضوع الصوم فأنا كما قلت لم أتعود عليه منذ الصغر ولكني أحاول".

- ضعف الإرادة:
أمّا شوقي إبراهيم تاجر فيقول: للأسف أنا لا أصوم رمضان ولكن معي عذري!! فأنا تاجر وأبدأ يومي من أوّل النهار حتى آخره وأحياناً يمتد بي العمل حتى الليل وبالطبع تكون هناك مناقشات ومشاحنات ومشادات مع المشترين وذلك نتيجة لعملية البيع والشراء والأخذ والرد في السعر حتى أقنع الزبون بالسلعة أو بثمنها أو يقنعني هو لكي يشتريها بالثمن الذي يريده، وكل هذا يتطلّب مجهوداً وضغطاً على الأعصاب، فلا أستطيع تحمل الجوع والعطش أيضا، فمعنى ذلك أنني سأتشاجر 10 مرّات في اليوم، هذا بالإضافة إلى أنني لم أتعود على الصيام منذ صغري".

- قدوة "غير حسنة":
ويقول الدكتور صفوت فرج أستاذ علم النفس في كلية الآداب جامعة القاهرة عن مشكلة الزوج المفطر في البيت الصائم: "إفطار أي زوج في رمضان من دون عذر شرعي هو مشكلة لأي زوجة حريصة على دينها وتربية أولادها لأنّه يتحول إلى موقف شديد الصعوبة في مرحلة التنشئة الإجتماعية لأولادها خصوصاً في مرحلة المراهقة لأن هذه الفترة هي فترة تذبذب وتشتت في الأفكار بين الخطأ والصواب والحلال والحرام ويكون الشاب او الفتاة في مرحلة تكوين المبادئ التي يعيش بها بعد ذلك فينظر الشاب إلى والده ويتساءل هل الأُم على خطأ أم الأب وتزداد المسألة تفاقماً مع تعرض الأبناء لوسائل التنشئة الإجتماعية المحيطة بهم ومن وسائل إعلام ومسجد ومدرسة وأصدقاء فيجدونها لا تسير على نهج الأب مما يثير داخلهم تساؤلات كثيرة حول أسباب تمرده وعصيانه".

ويكمل الدكتور صفوت فرج: "هناك نصائح عدة على الزوجة أن تتبعها لتغيير سلوكيات زوجها الخاطئة ومنها:
* مشاركة الزوج في بعض السلوكيات الدينية كالإكثار من قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وكتب العبادات.
* ألا تختلق الزوجة النكد وأن تبتعد عن أسلوب النقد العقيم والتأنيب بسبب إفطاره ولا سيما أمام الغير حتى لا يتمادى في هذا السلوك.
* على الزوجة أيضاً معرفة أنّ الخلافات الزوجية تؤدِّي إلى أنماط السلوك المضطرب لدى الأبناء فلا داعي لتشويه صورة الزوج أمامهم بتذكيره أنّه لا يقوى على الصيام لأنّه عديم الإرادة.
* عندما تشعر الزوجة أن زوجها انتابته موجة غضب أثناء محاولته الصيام فعليها التزام الرقة والحنان لضمان سيطرته على أعصابه واستمراره في المحاولة".

- الخاسر الوحيد:
وعن رأي الدِّين في قضية الزوج المفطر في رمضان تقول الدكتورة سعاد صالح أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر: "للصوم مكانة كبيرة في نفوس المسلمين جميعاً وهو من أركان الإسلام الخمسة ومن تهاون فيه فقد ارتكب كبيرة من الكبائر وهو فرض على المسلم البالغ العاقل القادر عليه المقيم حيث اباح الله للمسافر أن يفطر وهناك رخصة اعطاها الله سبحانه وتعالى لمن لا يقدر على الصيام بأعذار شرعية فالذين يرخص لهم بالإفطار في رمضان عليهم من المرضى الذين يرجى شفاؤهم من مرضهم إلا أنّهم يخافون إذا صاموا اشتداد مرضهم أو تأخر شفائهم وكان هذا الخوف بسبب اخبار طبيب ثقة أو التجربة أو غلبة الظن، والمسافرين سفرا شرعياً وهو ما يزيد على 80 كيلو متراً تقريباً. أما النوع الثاني من أصحاب الاعذار المبيحة للفطر فهم الأشخاص الذين تقدمت بهم السن ويعجزون عن الصيام والأشخاص الذين اصيبوا بأمراض لا يرجى شفاؤهم منها وحكم الأطباء الثقات بأنّهم لا يستطيعون الصوم.. فهؤلاء يرخص لهم بالفطر وتجب عليهم الفدية وهي اطعام ستين مسكيناً".

وتضيف الدكتورة سعاد صالح: "إذا كان جزاء الصائمين الثواب العظيم فإن عقاب المفطرين من دون عذر شرعي عذاب أليم وهناك حديث شريف رواه أبو هريرة عن الرسول الكريم (ص) يقول فيه: "مَنْ أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة رخصها الله له، لم يقض عنه صيام الدهر وإن صامه" مما يعني أن إفطار يوم واحد من دون عذر لن يغني عنه إذا صام الفرد الدهر كله، وهذا دليل على عظمة صوم شهر رمضان، وأنا أتساءل – ومازال الحديث للدكتورة سعاد صالح – كيف يستطيع أي شخص مسلم له القدرة على الصوم عندما يأتي رمضان ولا يصوم فيحرم نفسه من جميع الخيرات والحسنات فكل عمل خير في رمضان يتضاعف فكيف يكون الإنسان عبداً لرغباته ولا يصوم والأغرب عندما لا يصوم من أجل سيجارة".

وتكمل الدكتورة سعاد صالح حديثها فتقول: "ويجب على كل من وجب له الإفطار لعذر أن يستتر ولا يجاهر بالإفطار منعاً للظنون السيِّئة وحفاظاً على مشاعر الصائمين فما بالك بمن يفطر من غير عذر فإثمهم كبير، وللشيخ الشعراوي رحمة الله عليه رأي في هذه النقطة وهي أن المفطر بغير عذر في رمضان والمجاهر به يجب عليه التعذير وهو التأديب بالضرب أو الشتم أو المقاطعة وحكم التعذير واجب في كل معصية لم يضع لها الشارع حداً ولا كفارة وذلك مثل السرقة التي لم تبلغ نصاب القطع أو كلمس الأجنبية أو سب المسلم وهكذا".

وتنهي الدكتورة سعاد صالح حديثها بقولها: "المفطر في رمضان يحرم نفسه من خير كثير وبركات من الله فهو شهر الخيرات ويقول سبحانه وتعالى في حديث قدسي "كل عمل ابن آدم له إلّا الصوم فإنّه لي وأنا أجزي به"، فما أعظم الصوم والتقرّب إلى الله، فعلى المفطر أن يجاهد نفسه حتى يتقرّب إلى الله فيتقرّب الله إليه ويكون من الفائزين وإذا لم يفعل فهو الخاسر الوحيد ولا يلومن إلا نفسه".

المصدر: تحقيق صحفي
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 185/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
61 تصويتات / 9660 مشاهدة
نشرت فى 4 أغسطس 2011 بواسطة Al-Resalah

ساحة النقاش

BeSoOoooo

التدخين في رمضان و في اي شهر غير رمضان حرام لانها بتضيع الصحة و المال و اضيف ان السجاير مش إدمان و اذا واحد حب يبطل هيبطل من غير اي تعب

medo el 7awy فى 6 فبراير 2012

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,028,650