ان بعض الاعمال الفذة مثل المهمات التي نفذتها ( ناسا ) في الفضاء او حفر ( قناة بنما ) او بناء ( سد هوفر ) او اكتشاف طريقة التطعيم ضد شلل الاطفال تستحق احترامنا وتثير دهشتنا . ان التفكير في هذه الانجازات ييثير التعجب على القدرات الكامنة لدى الجنس البشري.

وعندما نقوم بتدبر امر هذه الاعمال الخارقة سنجد انها جميعا تشترك في عنصر واحد . ففي اي انجاز خارق سواء كان عظيما او عاديا فان النجاح دائما ناتج عن التخطيط .

عندما يبدا اي مكتشف او مهندس انشاءات او مدير بمشروع فانه بالضرورة يقوم بطرح اسئلة استراتيجية عريضة . الى اين سامضي ؟ ماهي افضل طريقة للوصول الى الهدف ؟ ماهي الموارد التي ساحتاجها لتحقيق اهدافي ؟ ماهي العقبات التي ستقف في طريقي ؟ وكيف ساتغلب عليها ؟ .

لسوء الحظ فان تجاربنا تدلنا على ان مهندس الانشاءات والمكتشفين والعلماء ومدراء المشاريع يقومون بطرح هذه الاسئلة الاستراتيجية اكثر مما يفعل المدير العادي . ان عملنا مع مدراء في مختلف الشركات قد برهن لنا بان الكثير من المدراء ينظرون الى التخطيط على انه رفاهية لا يقدر عليها سوى العلماء والمهندسون اما بالنسبة للمدراء العاملين فان التخطيط عملية عقيمة ومضيعة للوقت او ببساطة : انه امر مستحيل بالنسبة لهم .

ومع ان هذا غير موجود في وصفهم الوظيفي فان العديد من المدراء يصفون انفسهم بانهم (اطفائيون). استمع الى الطريقة التي يتحدث بها الناس عن يوم عمل عادي ( ان وظيفتي هي عبارة عن سلسلة لا تنتهي من الوفاء بالالتزامات في المواعيد المحددة)، (انها عبارة عن حل مشاكل متتالية) (لقد قضيت اليوم وانا احاول اصلاح الامور) (وما اكاد اخلع معطفي حتى يبدا الهاتف بالرنين) . ان الاطفائيين الحقيقيين يعملون بنفس الاجتهاد الذي يعمل به اولئك الذين يعملون في منع الاشتعال. (تخلص من مشاكل اليوم لتتمكن من توفير الوقت لتبحث كيف يمكنك ان تمنع مشاكل الغد من الحدوث، وكيف يمكنك ان تحقق اهداف الغير) .

والسبب الاخر للتكاسل عن التخطيط هو ان التخطيط نشاط يتعامل مع احداث ستقع مستقبلا مما يجبرنا على ان نوجه الاسئلة حول ماقد او ما يمكن ان يكون والذي قد يكن مخالفا لما كان وما هو كائن .

ولأن المستقبل غير واضح فان العديد من المدراء يعتقدون ان التخطيط للمستقبل عبارة عن عملية تنبؤ وتخمين لاشياء مجهولة . والعائق الثالث للتخطيط هو ان مجتمعنا يكافئ المنتجين وليس المفكرين . انن نقيم التماثيل ونسمي الشوارع باسماء الناس الذين ينجحون في تنفيذ الخطط وليس باسماء الناس الذين ابتدعوها . ان ابطال السينما الذين اصبحوا نماذج خارقة في اذهان الناس لم يصبحوا اساطير لانهم في افلامهم كانوا يفكرون بما سيفعلونه بالاشرار بل لانهم كانوا في الواقع ينفذون العمل في هؤلاء الاشرار .

ولان التخطيط لا يتمتع ببنفس التقدير الذي يتمتع به التنفيذ في مجتمعنا فان المدراء يتبعون ما يعتقدون انه العرف السائد : قم بتنفيذ الخطة بنجاح وستصبح بطلا , اما اذا قمت بوضع الخطة فستصبح منسيا .

واخيرا فاننا نخطط بدون ابداع، بصورة تقليدية، لاننا لا نمتلك المهارات اللازمة للتخطيط . نعرف اننا يجب ان نقوم بالتخطيط وانه ربما كانت هناك طريقة اكثر كفاءة للتخطيط، ونعرف بان التخطيط هو مهارة يمكن تعلمها ولكننا لم نقم بتعلمها بعد !

ان هذا الفصل قائم على فرضية ان الذين يقومون باطفاء الحرائق وكذلك اولئك الذين يتجنبون القيام بالاشياء غير مؤكدة النتائج واولئك الذين يقومون بتنفيذ وانجاز الاعمال، اضافة الى اصحاب النوايا الطيبة الذين لايملكون المعلومات الصحيحة.. ان باستطاعتهم جميعا الاستفادة من هذه النصائح البسيطة والمباشرة والعلمية عن التخطيط . حتى لو كنت خصما للتخطيط فانك ستجد شيئا يجعلك تقول : (ربما علي ان اجرب ذلك) ، تذكر مع ان المشاريع الناجحة قائمة على التخطيط فان التخطيط لن يؤدي بالضرورة الى نجاح كافة المشاريع .

وعلى رأي احد الحكماء: ( ان اولئك الذين يخفقون في التخطيط يخططون للاخفاق ) .

المصدر: مقالات
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 34/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 663 مشاهدة
نشرت فى 25 إبريل 2011 بواسطة Al-Resalah

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,032,672