عالم السياسة والثقافة الإخباري .. فلاح أديهم المسلم
نموذج من الاستحمار الديني
مصطلح الاستحمار الديني مأخوذ من عنوان كتاب للمرحوم علي شريعتي المُعَنْوَن 'الاستحمار الدينى'، حيث أعتبر استغفال العقل بالدين هو الأكبر والأقوى والأعظم منذ العصور القديمة وحتى المعاصرة , وقد شاهدت بالأمس في إحدى الفضائيات المحسوبة على الإسلام نموذجا ماثلا لهذا النوع من الاستحمار , كما شاهدت منها نموذجا للكذب والدجل وتزييف الحقائق بطريقة تثير الاشمئزاز ........
نموذج الاستحمار الذي شاهدته هو حوار بين هذه الفضائية وأحد المشايخ حول صلاة الجماعة , وكان هذا الشيخ يطالب بفتح الشوارع للمساجد من أجل صلاة الجماعة , ويضرب الأمثلة ببعض كبار السنّ الحريصين على الصلاة جماعة في المساجد مهما كانت الظروف قاسية , وأطال في الحديث عن ذلك , ولم يشر مجرد إشارة لفتح الطريق للمخابز , والمستشفيات وسائر المؤسسات الحيوية !! فهل يجهل فضيلته ما جاء في الحديث الصحيح ((أَنَّهُ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ ثُمَّ قَالَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ يَقُولُ: «أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» ؟؟ وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصّه : ((يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ لاِشْتِدَادِ الرِّيحِ، وَهُوَ مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ لِلْمَشَقَّةِ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَذَاتِ الرِّيحِ: أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَال )) .......عالم السياسة والثقافة الإخباري .. فلاح أديهم المسلم.
أليس التركيز على هذه المسألة والانشغال بها عن أوجاع الناس وجوعهم وانقطاع الكهرباء عنهم وعجزهم عن إسعاف مرضاهم _ علاوة على أنّه نوع من الاستحمار الديني هو ترسيخ لمقولة فصل الدين عن الحياة , وأنّ الدين يقتصر على العبادات الروحية البحتة , وبيوت العبادة فقط ؟؟؟ ثمّ هؤلاء الكبار السنّ الذين لا يريدون أن تفوتهم صلاة جماعة أما كان الأولى تفقيههم ليحافظوا على صحتهم المعتلّة لئلا يصابوا بأذى فيتسببون للقائمين على خدمتهم بأذى أشدّ ؟ ومن قال أنهم بمثل هذا الفعل سيكونون مأجورين ؟؟ ألم يأت في الخبر " رحم الله والدا أعان ولده على بره " ؟؟
أمّا المشهد الثاني فقد كانت هذه الفضائية تبثّ لعب موظفيها مع بعض الأسر وأطفالها بالثلج موحية بذلك أنّ الجميع بخير فلا شوارع مغلقة , ولا كهرباء مقطوعة , ولا مواطنون محاصرون , ولا بوادي وأرياف لا أحد يعلم عن مصيرها !! لو صدرت هذه الأمور من فضائيات أخرى ومن فئات أخرى لهان الأمر وهو ليس بالهيّن , ولكن أن يصدر ذلك ممن يحملون لواء الصلاح والإصلاح فإنّه يصبح بطن الأرض خيرا من ظهرها .
فلاح أديهم المسلم