كيف ننشئ ونربي اطفالنا ؟؟؟؟؟

سؤال صعب جدا لان هؤلاء اطفال اليوم هم شباب الغد وأمل الامة فتربيتهم وتنشئتهم بطريقة سليمة امر صعب.

سنتكلم سويا عن تربية وتنشئة الاطفال ...............

نبدأ باسم الله

 

 تنشئة الأطفال

    
 
الطِّفل كائنٌ حيٌّ، آدميُّ الصورة، فطريُّ الطبيعة، يُدرَّب ليكتسبَ ببطء مهاراتِه الإنسانيَّة، واحدةً بعد الأخرى، وهي مجموعةُ المهارات الاجتماعيَّة والجسميَّة، والعقليَّة والنفسيَّة، اللاَّزمة لتدبيرِ شؤونه، وتنظيم علاقاته بالآخرين، وعن طريق هذا التدريب يواجه مستلزماتِ حياته الإنسانيَّة؛ ليكتسبَ شخصيتَه، وينميها خلالَ عمليات التفاعُل الاجتماعي المتعاقِبة التي يمرُّ بها.
 
هذه العمليات تعرف بالتنشئة الاجتماعيَّة، وأهمية المجتمع العائلي في حياة الأطفال إنَّما تتمثَّل في مدى قوَّة السُّلطة الأبويَّة وثباتها، ونوع العَلاقة العاطفيَّة والرابطة الزوجيَّة التي تربط بين الأبناء والآباء، وما إذا كان ثَمَّةَ صراعٌ خفيٌّ، أو صراع بين كلٍّ من الزوجين، أو بين الأبوين وبين أبنائِهما. وليس من شكٍّ أنَّ النماذج الإيجابيَّة هي ما يصعُب قياسُه، ولكن مِن الواضح أنَّ لها مع ذلك دورًا صريحًا واضحًا في حياة الطفل.
 
عملية بناء البيت في حاجة إلى دعائمَ قويَّة؛ للنهوض بها، ولا يتأتَّى ذلك إلاَّ عن طريق الإسلام، فعمليةُ البناء هذه ليستْ غريبةً عن الإسلام، بل هي رُوحُ الإسلام، فالإسلامُ يَعتِبر المجتمعَ كشخص واحد، وكجسد واحد؛ يقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطفهم مثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسد بالسَّهر والحمَّى))، فلا بدَّ من ملاحظة الكيان الاجتماعيِّ عند القيام بأعمال شخصيَّة، ولا سيَّما إذا كانت لها صِلَة بالمجتمع.
 
وقد وضع الإسلامُ الأسسَ السليمة لتكوين بيتٍ إسلامي، فرأى أنَّ مَن يرغبُ في تكوين بيت إسلاميٍّ أن يضعَ في اعتباره الأوَّل أنَّ تكوينَه يقوم على أساس تحقيق المصالِح، والمطالب الفرديَّة والاجتماعيَّة، فالبيتُ يقوم بوظيفة التنشئة الاجتماعيَّة؛ إذ يتشرَّب الأطفالُ فيه أيديولوجية المجتمع من العقائد والقِيم الأخلاقيَّة والاجتماعيَّة، والاتِّجاهات والأفكار السائدة فيه. وخير طريقة للتربية هي طريقةُ تربية الآباء والأُمَّهات، والاهتمام بتنظيم الأسرة ورِعايتها، وإنقاذها مِن المشكلات، ولتحقيق ذلك أرسى الإسلامُ قواعدَ التربية السليمة عن طريق تنظيم عَلاقة الآباء بالأبناء في المعاملة.

التربية والتعليم، التربية الأخلاقية:

وممَّا يدعم التربيةَ السليمة للأطفال: حفظُ ودراسة وتلاوة القرآن الكريم، وهذا يُساعد علي فهْم أوامر الله وتشريعات الإسلام وعقائده، وعمليةُ انتقاء سُورٍ مِن القرآن قريبة إلى فَهْمهم ومداركهم في معانيها وصُورِها.

 
ومِن الأمور البديهيَّة أن يُخاطبَ الإنسانُ على قدرِ عقله؛ "حدِّثوا الناسَ بما يعقلون"، "وأُمِرْنا أن نُنزل الناسَ منازلَهم"، فمخاطبة الملوك غيرُ مخاطبة العامَّة، غير مخاطبة الصِّغار، والإنسان يختار لنفسه مِن الثياب ما يناسب قياسَ بدنَه، ويختار لطفله ما يناسب حجمَه من الملابس، أيضًا يختار لطِفله من الألوان ما يناسبه، ويختار لطِفله ما يناسب طفولتَه، وطعامُ الكِبار غيرُ طعام الرُّضَّع.
 
وقدْ كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - في أحاديثه ينتقي من تعاليمِ الإسلام ما يُناسب حاجةَ المتعلِّم، وقد نصحَ بعضَهم ببرِّ الوالدَين، ونصح آخرَ بألاَّ يتأمَّرَ على اثنين، ونصح ثالثًا بصداقة والديه، ونصح غيرَهم بالتحلِّي بالصَّبر.
 
وفي القرآن الكريم كنوزٌ لا تُحصى ثمراتُها، ولا ينضب عطاؤها، وهي تغذي في الناس ما يحتاجون، وترشِدهم إلى الحقِّ والهدى، والبِرِّ والخير، والانتقاء المناسِب للأطفال مِن هذه الكنوز يُساعدهم على تدبير ما تدعو إليه أوامرُ القرآن وتشريعاته، ويمكن تعليمُ الأطفال أسسَ التربية السليمة، وذلك عن طريق بطاقة تحتوي على:
♦ غرس القُدوة الإسلامية الحَسَنة.
♦ المساعدة على التفكير العِلمي.
♦ الحديث عن الظواهر الكونيَّة الدالَّة على قُدرة الله وصفاته.
♦ شكر الله - تعالى - على نِعَمه.
♦ غرْس القِيم النبيلة، كالصِّدق والأمانة والعطف، واحترام العمل، وتقدير الوالدَين.
♦ إشباع الحاجة إلى الأمْن والانتماء والتقدير والمحبَّة.
♦ انتزاع رُوح التعصُّب للجِنسيَّة والقبليَّة والمذهبيَّة.
♦ التزود بالأوامر والنواهي الإلهيَّة لتربية الضمير.
♦ التعريف بأركان الإسلام والتعريف بالغيبيات.
♦ تقديم السُّور المكيَّة لخلوِّها من التشريع والتنظيم مع بعض التجاوز.
♦ تأكيد الفَهْم الإسلامي لطبيعة العَلاقات الإنسانية، وإظهار الجانب الحضاري في الإسلام.
♦ تحبيب الطِّفل في الله ورسله.
♦ عرْض مواقف العِظة والعبرة، وتعليم القصص القرآني، والاهتمام بالأدعية القرآنية.
♦ تنمية رُوح الوعي الاقتصادي الإسلامي، وطبيعة المرْحلة التي سيتمُّ تلقينها (4 - 12 سنة).


 
وفيما يتعلَّق بطبيعة نموِّ الطفل، نجد أنَّ شخصية الطِّفل تتحدَّد عن طريق العَلاقات الدنيوية بينه وبين البيئة، بين المحدودات الداخليَّة والمؤثِّرات الخارجيَّة.
 
ويتطلب نمو الطفل: تعليمَ الإحساس بالاستقلال الذاتي، ففي أثناء السَّنة الثانية يواجه الطِّفل مطلبَ الإحساس بالاستقلال الذاتي أو بحقِّ تقريرِ المصير، وتحتم هذه الفترة على الوالدين التصدِّي لِمَا يعترضه من مشاكلَ، وتعليمه ألاَّ يتمادى في مشاعر العدوان.

تعلم المبادئ وتكوين الضمير:

وبعد اكتساب رُوح الثِّقة والاطمئنان، وبعدَ وضْعِ أسُس حياة مستقلَّة مستقبلاً في السنوات الثلاث الأولى، يكون الطِّفل مستعدًّا في السنتين الرابعة والخامسة للخطوة التالية نحوَ تكوين شخصية ناضجة، وهي تعلُّم المبادئ وتكوين الضمير، كمَوْجة داخلَ الإنسان.
 
ومِن الضروريِّ أن تكون هناك ضوابطُ على مبادرات الطِّفل حتى تجنِّبه الوقوعَ في متاعبَ، أو إيذاء الآخرين.
 
ومطالب النموِّ في مرحلة الطُّفولة الوسطى هي تعلُّم دَورِ الذَّكَر، أو دَور الأنثى في المجتمع.

تكوين المفاهيم الضرورية للحياة اليومية:

تكوين الضمير والأخلاق وميزان القِيم، فيرى أبو حامد الغزالي - مثلاً - ضرورةَ تعليم الطفل وإكسابه أساسيات الحياة، ودفعه عمَّا لا يعنيه، وتوجيهه للاستفادة من الوقت، وتنمية عنصر الخير في نفسه، وتعويده تقبُّل نصائح الكِبار، وتوظيف ما يتعلَّمه في حياته، والحِرْص على أداء الصلاة، والاطِّلاع المفيد من سِنِّ 9 سنوات وما فوق، وترْك ما لا ينفع مِن القراءة، والاجتهاد والتعود على التصدُّق على الفُقراء، واتِّباع القدوة الحسنة في السُّلوك، القدوة في التعليم، والقدوة في طاعة الله.
 
الصدق:
ويمكن تعليم الطِّفل هذه القُدوة عن طريق شرْح بعض السُّور، وعلى سبيل المثال سورة العلق: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [1 - 5].
 
ونرى أن تكونَ هذه السورةُ أوَّلَ ما يحفظه الطِّفل؛ لأنَّها أول ما نزل من القرآن، وما فيها من معان تدعو للعِلم، وتحتوى على سببِ نزول السُّورة وكيفية ذلك، وهي قصة شيقة، ثم شرْح السُّورة: "محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجل كريم وطيِّب، يحبُّ الخير ويحب الله، وكان كلَّ يوم يذهب إلى جبل كبير في مكَّة يجلس هناك، ينظر إلى السَّماء والنجوم ويُفكِّر، ويُسبِّح الله، وفي يومٍ كانت الدنيا ظلام والناس نيام، وفجأة ظَهَر شيءٌ كبير وغريب وقوي، له أجنحة كثيرة، هذا هو (جبريل) - عليه السلام - قام الملَكُ بِضَمِّ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى صدره، وقال له: "اقرأ"، فقال محمد: ((ما أنا بقارئ)) - لا أعرف القراءة - قال جبريل: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [1 - 5].
 
واختفى جبريل الملَك، وصارت الدنيا في حالة هدوء، لكنَّ محمَّدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - خاف خوفًا شديدًا، ورجع إلى البيت وقال: ((زمِّلوني، زمِّلوني))؛ يعني: غطوني، وقال لزوجته السيِّدة خديجة - رضي الله عنها - القصَّة، فطمأنتْه قائلةً: "لا تخف، إنَّ الله يحبُّك يا محمد؛ لأنَّك طيِّب كريم".
 
فالقرآن الكريم يحوي كنوزًا من القِيم التي تُنير الطريق، وتهدي إلى الحق والخير والجمال، فقد جاء في شرْح سورة لقمان -على سبيل المثال -: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ..... ﴾ الآيات [لقمان: 13 - 20].
 
﴿ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ ﴾ فإنَّ تسوية مَن لا نعمة إلاَّ منه بِمَن لا نعمةَ له أصلاً ﴿ ظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾.
 
﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ ﴾ أن يشكر الله على إيجاده، ولوالديه على تربيته، فقد حملتْه أمُّه في بطنها، وما زالتْ تضعُف كلَّما مرَّتِ الأيَّام ضعفًا على ضعْف، حتى وضعتْه، ثم أرضعتْه وفطمته، وكل ذلك ببذلِ جهود عظيمة.
 
﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ ﴾ أبواك ﴿ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ من الآلهة ﴿ فَلاَ تُطِعْهُمَا ﴾، واكتفِ بأن تصاحبَهما معروفًا، مقرونًا بالعطف والبِر.

 
وأما من جهة الدِّين، فاتَّبع طريقَ من تاب إلى الله، ثم إلى الله مرجعكم، فينبئكم بما كنتم تعملون.
 
يا بنيَّ، إنَّ الله لا يفلت من حسابه شيء، فإنَّ الخصلة من الإحسان أو الإساءة، إن تكن وزنَ حبَّة من خردل تائهة في صخرة، أو في السموات، أو الأرض، يأتِ بها الله، إنَّه لطيف خبير.
 
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ ﴾ مما أوجبه الله عليك ﴿ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾، ولا تُمِلْ صدغك للناس، وتلوِ لهم صفحةَ خَدِّك كما يفعل المتكبِّرون، إنَّ الله لا يحب كلَّ مُتبخترٍ كثيرِ الفخر.
 
واعتدل في مِشْيتك، واخفض مِن صوتك، ﴿ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾.
 
ألم تروا أنَّ الله ذلَّل لكم ما في السموات وما في الأرض، وأتمَّ عليكم نِعمَه ظاهرة وباطنة، ومع ذلك ففي الناس مَن يجادل في توحيده ووجوده بغير عِلم يستند إليه، ولا هُدى من الله عنده، ولا كتابٍ منير يستأنس به.

المصدر: شبكة الألوكة -fishfrombardaweel -اسماك من بحيرة البردويل -Marwa Mohammed Hassan -مروة محمد حسن

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

124,108