اﻻستاذ الدكتور / أحمد محمد فراج قاسم

ملخص بحث

أثر السياسة الاقتصادية على اتجاهات الاستثمار في الجماهيرية الليبية

إشراف الدكتور/ أحمد محمد فراج قاسم

محاضر بكلية الاقتصاد - درنة

جامعة عمر المختار

 

يسعى القائمون على إدارة الاقتصاد القومي في أي دولة إلى أن تكون هناك سياسة أو سياسات للاستثمار على درجة عالية من الكفاءة وذلك لأن زيادة معدل النمو الاقتصادي لن يتحقق بالصورة المطلوبة إلا إذا كان هناك سياسة للاستثمار تؤدي إلى تحقيق هذا الهدف. ولقد سعت الجماهيرية العظمى نحو تشجيع الاستثمار بشقيه المحلى والأجنبي وذلك من خلال تنفيذ عديد من الإصلاحات الاقتصادية وذلك بعد أن تم رفع العقوبات الاقتصادية والتي كانت مفروضة عليها خلال التسعينات ومن أهم هذه الإصلاحات والتي كان لها أثرها على دعم دور القطاع الخاص وتشجيعه من أجل توسيع الاستثمار ومن هذه الإصلاحات: (1) تخفيض أسعار الفائدة لتشجيع الطلب على القروض (2) تعديل قانون الضرائب الخاص بالأنشطة الإنتاجية (3) إلغاء الرسوم الجمركية عن السلع الاستثمارية وتخفيض الضرائب على الواردات (4) إعطاء المصرف المركزي الليبي سلطة الاستقلالية في اتخاذ القرارات اللازمة لإدارة السياسة النقدية وممارسة الرقابة المصرفية.

وتتوقف كفاءة سياسات الاستثمار في تحقيق أهدافها على ما يطلق عليه بمناخ الاستثمار ومكوناته المختلفة والذي ينطوي على المؤشرات والأدوات التي تؤدي إلى نجاح سياسات الاستثمار في تحقيق أهدافها من عدمه.

يواجه الاستثمار في الدول النامية وخاصة ليبيا كأحد الدول المصدرة للبترول معوقات كبيرة وعديدة نظراً لاحتياج الاستثمار إلى العديد من المتطلبات تتعلق بالمناخ الاستثماري والبيئة الاقتصادية ونوع السياسة الاقتصادية المتبعة؛ فبالرغم من توافر الموارد الاقتصادية والطبيعية وارتفاع صادرات النفط الليبي وانخفاض عدد السكان، وأيضاً محاولات الجماهيرية في إنعاش الاقتصاد القومي ودفع عجلة النمو الاقتصادي، إلا أن النشاط الاقتصادي مازال يعاني من مشاكل عديدة والتي كان لها الأثر الأكبر على تدني مستويات المعيشة لدى شريحة واسعة من أفراد المجتمع الليبي وذلك نظراً لاعتماد معظم أفراد المجتمع الليبي على المرتبات والمعاشات التي تصرف من الخزانة العامة للدولة أو عن طريق الشركات التابعة للقطاع العام والتي أخفقت معظمها في الأخذ بالمعايير الاقتصادية اللازمة أثناء القيام بالأنشطة الإنتاجية.

استهدفت الدراسة محاولة التعرف على دور السياسات الاقتصادية في تأثيرها على تحريك البنيان الاقتصادي نحو الأفضل ولاسيما في ظل توافر الموارد الاقتصادية والطبيعية المتاحة والممكنة بالجماهيرية ويتم ذلك من خلال دراسة المحاور التالية: (1) دراسة المفاهيم المرتبطة بالسياسة الاقتصادية الكلية وذلك للتعرف على ماهية السياسة الاقتصادية وأهدافها وعلاقتها بالمشاكل الاقتصادية التي تواجه المجتمع (2) التعرف على سياسات الاستثمار على المستوى الكلي وذلك للتعرف على مفهوم سياسات الاستثمار وأهدافها والعوامل المحددة لنمط الاستثمار ومعايير تقيمه وأنواع تلك السياسات (3) تحليل وقياس اتجاهات الاستثمار في الجماهيرية العظمى وذلك للتعرف على اتجاه الاستثمار المحلى والأجنبي وطبيعة تغيراتهما وتقييم أداء الاقتصاد القومي لقياس قدره الاقتصاد القومي الليبي لجذبه للاستثمار من عدمه (4) محاولة وضع التوصيات الممكنة والتي قد تفيد واضعي السياسة الاقتصادية في هذا المجال لرسم السياسات الاستثمارية المشجعة على دفع الاقتصاد القومي الليبي للأمام.

اعتمدت الدراسة في تحقيق أهدافها على استخدام أسلوب التحليل الوصفي والكمي متمثلاً في تقدير بعض النماذج الاتجاهية للمتغيرات الاقتصادية المتعلقة بموضوع الدراسة من خلال استخدام أسلوب الانحدار بصوره الرياضية المختلفة لاستخلاص النتائج وتفسيرها وفقاً للمنطق الاقتصادي والإحصائي؛ كما تعتمد الدراسة على استخدام بعض المؤشرات الاقتصادية الهامة المعبرة عن أداء الاقتصاد القومي وهي مجموعة من المعايير والمحددات التي يشير تحليلها إلى ما إذا كان أداء الاقتصاد القومي جاذباً للاستثمار من عدمه.

كما اعتمدت الدراسة في إجراءها على البيانات الثانوية المنشورة وغير المنشورة من مصادرها الرسمية التي يعتد بها في الجماهيرية العظمى مثل مصرف ليبيا المركزي، مجلس التخطيط العام، الأمانة العامة للاقتصاد، الهيئة الوطنية للمعلومات والتوثيق، هذا فضلاً عن الاستعانة بعدد من المراجع والدراسات والبحوث العلمية ذات الصلة بموضوع البحث.                  

  ولقد توصلت الدراسة إلى عديد من النتائج أهمها: (1) زيادة معدل النمو السنوي لإجمالي الاستثمار في الجماهيرية العظمى بشقية المحلي والأجنبي حيث زاد حجم الاستثمار المحلي والأجنبي بمعدل نمو قدر بحوالي 12.33%، 1.41% لكل منهما على الترتيب، مما يشير إلى أن هناك اهتمام متزايد من الجماهيرية العظمى بزيادة الاستثمار بصفة عامة والاستثمار المحلي بصفة خاصة (2) زيادة معدل النمو السنوي لقيمة الصادرات للسلع والخدمات الغير نفطية في الجماهيرية العظمي بحوالي 4.02%، في حين تناقص معدل النمو السنوي لنسبة الصادرات للسلع والخدمات الغير نفطية إلى الناتج القومي في الجماهيرية العظمي انخفض بمعدل تناقص سنوي قدر بحوالي 0.54%. مما يعني أنه على الرغم من وجود قدره تنافسية للاقتصاد القومي الليبي على جذبه للاستثمار، إلا أن درجة الانفتاح للاقتصاد القومي الليبي على العالم مازالت ضعيفة (3) زيادة معدل النمو السنوي لقيمة الاحتياطات الدولية من النقد الأجنبي في الجماهيرية العظمى بحوالي 16.4%. وهذا يشير إلى زيادة قدره الاقتصاد الليبي على تقديم القروض الكافية للمستثمرين لزيادة الاستثمار والإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية المختلفة مما يدل على كفاءة إدارة الاقتصاد القومي الليبي في عملية جذبه للاستثمار(4) زيادة معدل النمو السنوي لعدد شهور تغطية الواردات في الجماهيرية العظمى بحوالي 7.76%. مما يشير إلى قلة اعتماد الجماهيرية علي الواردات في توفير السلع اللازمة لأفراد المجتمع، وهذا يدل على كفاءة إدارة الاقتصاد القومي الليبي في عملية جذبه للاستثمار (5) الانخفاض السنوي لحجم الدين الداخلي في الجماهيرية حيث قدر بحوالي 34.72%. وقد يرجع هذا الانخفاض نتيجة زيادة الفائض من الاحتياطات الدولية من النقد الأجنبي بالإضافة إلى وجود فائض في ميزان المدفوعات، وهذا يدل على كفاءة إدارة الاقتصاد القومي الليبي في عملية جذبه للاستثمار (6) الانخفاض السنوي  لفائض ميزان المدفوعات في الجماهيرية حيث قدر بحوالي 24.31% ولكن مازال موجب. مما يدل زيادة كفاءة الاقتصاد القومي الليبي في عملية جذبه للاستثمار وذلك لأن حالة الفائض تعني وجود أموال معطلة بدون استثمار ويعني انخفاض فائض ميزان المدفوعات هو اتجاه الجماهيرية نحو زيادة حجم الاستثمار (7) زيادة معدل النمو السنوي لفائض الموازنة العامة للدولة في الجماهيرية بحوالي 10.81%. مما يدل على وجود كفاءة للاقتصاد القومي الليبي في عملية جذبه للاستثمار (8) زيادة معدل النمو الاقتصادي السنوي في الجماهيرية، الأمر الذي يمكن تفسيره باهتمام الجماهيرية العظمى بزيادة الإنتاج على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية الموجودة في المجتمع، مما يدل على قوة الاقتصاد القومي الليبي في جذبه للاستثمار (9) زيادة معدل التضخم سنوياً في الجماهيرية مما يؤثر على قدره الاقتصاد القومي الليبي في جذبه للاستثمار وذلك نظرا لأن ارتفاع معدل التضخم من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع في المستوى العام للأسعار بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام والأولية التي تعتمد عليها جميع القطاعات الاقتصادية بالجماهيرية، مما قد يؤدى إلى إحجام المستثمرين عن زيادة إنتاجهم واستثماراتهم، وهذا يؤدي إلى ضعف الاقتصادي الليبي في قدرته على جذب الاستثمار، ولكن يمكن القول بأن ايجابية المؤشرات السابقة قد تلغي التأثيرات السالبة لمعدل التضخم.

ومن النتائج السابقة توصي الدراسة بالآتي: (1) ضرورة اهتمام الجماهيرية العظمى بتحسين البنية الأساسية المتمثلة في تطوير وتحديث شبكة الطرق والمواصلات القديمة وإنشاء طرق جديدة لربط شعبيات ومناطق الجماهيرية ببعض، وربط الجماهيرية بدول العالم، أيضاً تحسين شبكات الاتصال من خلال تطبيق التقنيات الحديث في هذا المجال (2) زيادة بسط الائتمان المصرفي أمام المستثمرين لمساعدتهم على تنفيذ المشروعات الاستثمارية العملاقة والتي تحتاج إلى رؤوس أموال كبير يعجز عنها التمويل الذاتي، أيضاً تسهيل عمليات الحصول على العملات الأجنبية اللازمة من أجل استيراد الأصول الرأسمالية ذات التقنيات العالية ولاسيما في ظل وجود الكميات الكبيرة من الاحتياطات الدولية من النقد الأجنبي (3) تشجيع الجماهيرية على زيادة الصادرات من السلع والخدمات المختلفة وذلك عن طريق تنفيذ حزمة من حوافز التصدير المتمثلة في الإعفاءات الضريبية المؤقتة، وزيادة تحرير واستقرار سعر الصرف، وتخفيض الرسوم الجمركية على عناصر الإنتاج المستوردة، خفض تكاليف التمويل والإقراض للصادرات (4) تشجيع الجماهيرية للمستثمرين والتي تتميز منتجاتهم بميزة نسبية وتنافسية وذلك عن طريق توفير المناخ الاستثماري المناسب وعوامل الإنتاج الضرورية بالأسعار المناسبة (5) ضرورة اهتمام الدولة بحماية منتجات المستثمرين أو المنتجين المحليين من الخسائر الكبيرة التي يمكن أن يتعرضوا لها بسبب سياسة الإغراق التي تمارسها الدول الأخرى المنافسة.       

 

المراجع

 

أولاً: مراجع باللغة العربية:

(1)   جميل طاهر (دكتور)، وآخرون، التطورات الحديثة في النظرية الاقتصادية ذات الصلة بصنع السياسات الاقتصادية خاصة سياسات التثبيت والتصحيح الهيكلي، ورقة عمل مقدمة لندوة عن أسس بناء نموذج قطري نمطي لتقييم السياسات الاقتصادية، القاهرة، مايو 1996.

(2)   سعيد النجار (دكتور)، سياسات الاستثمار في البلاد العربية، ندوة عن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، الكويت، 1989.

(3)   عبد المطلوب عبد الحميد (دكتور)، اتجاهات الاستثمار من أجل التصدير في المناطق الحرة المصرية في ظل التحولات العالمية، مؤتمر إدارة الاستثمار والتصدير، أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، القاهرة، أكتوبر 1996.

(4)   عبد المطلوب عبد الحميد (دكتور)، السياسات الاقتصادية- تحليل جزئي وكلي، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، 1997.

(5)   مصرف ليبيا المركزي، إدارة البحوث والإحصاء، النشرة الاقتصادية، المجلد 47، الربع الرابع، 2007.

(6)   وارين بوم، ستوكي فولبرين، الاستثمار في التنمية، دروس من خبرة البنك الدولي، ترجمة مركز الأهرام للترجمة والنشرة، مؤسسة الأهرام، القاهرة، 1994.

 

ثانياً: مراجع انجليزية:

(1)          A garwal, j. p., Determinates of foreign direct investment, A. survey weltwirtschafls archive, 1980.

 

(2)          Ferber, Robert ed., The determinates of investment behavior, new York national bereau of economic research, 1967.

 

(3)          Lieewellyn, John, Petter, Stephen I., Economic policies for the 1990, s Washington, 1995.

(4)          Sachs, Jeffrey, Stabilization policies in the world economy, the American economic review, May, 1982.

 

(5)          Tin Bergen, I., Economic policy, principles and design, north Holland, Amsterdam, 1965.

 

(6)          Vito Tanzi, The impact of macro economic policies on the level of taxation and the fiscal balance in developing countries, IMF staff papers, vol. 36, no. 3, Washington, Sept., 1989

 

 

المصدر: الإشراف على بحث تخرج طلاب الفرقة الرابعة بقسم الاقتصاد - درنة - جامعة عمر المختار للعام الدراسي 2008 - 2009 للطلاب: حسن العلام، هناء ميلود، نجاح
  • Currently 89/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 3179 مشاهدة
نشرت فى 25 مايو 2010 بواسطة amfk

ساحة النقاش

اﻻستاذ الد كتور / أحمد محمد فراج قاسم

amfk
- أستاذ - معهد بحوث الاقتصاد الزراعي - جمهورية مصر العربية. - أستاذ مشارك - كلية الاقتصاد - درنة - جامعة عمر المختار- ليبيا سابقا. - إجراء العديد من البحوث والدراسات العلمية المتخصصة في مجال الاقتصاد الزراعي. - كتابة عديد من المقالات في المجالات المختلفة. - العديد من المؤلفات في »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

373,774