فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

من ديوان في أعالي المعركة:

العالم يتعبني وأمريكا تزرع الألغام

فراس حج محمد| فلسطين

1

أمريكا امرأة جبّارة

تمتصّ بشهوتها ثدي العالم حتّى الموتْ

يوميّاً تغتصب الدّولة فرج النّفطْ

تصنع آلهة من جبروتْ

والعالم هذا الميّت يضحك مثل الأبله

ويتخم بالجوع وبالبردْ

أمريكا أمّ تتشهّى وجع الفقراء

والعالم طفل لم يكبُر بعدْ

2

الحرّيّة ليلُ وهْم وسراب

تحاصرني الأنيابُ تتشبّث بي

تغرس فيّ فسائلها الشَّوكيّة

صوت أنينها يوجعني في دمي

وتعرق جثّتها المسروجة بالقيد

الحرّيّة مثل الحبّ تعقد لي محاكمةً

وتتلو في ملأ السّافلين جنايتي

وأصبح خارجاً عن القانون

وأروى بالسِّياط وبالعدمْ

3

كم مرّةٍ سنصلّي صلاة الغائب على الشّهداءِ والقتلى في حروب العبث الطّويلةْ

كم مرّةٍ سنقيم قدّاساً لاستحضار روح الغائبين

وجوههم كالمصابيح وسط الظّلام

كم مرّةٍ سنتلو على الأرواح السّاكنة الواجمةْ

سورة الفاتحة بعد كلّ نشيدٍ وطنيٍّ في وطن يعاني من رُتَب القادة البائسينْ

كم مرّةٍ سنعلّق الصّور الشّهيدة في صدور البيوتْ

وفي قلوب الأمّهات الثّكالى

كم مرّةٍ يتوارى الآباء عن الأنظار ليبكوا أبناءهم في وحدة جائرةْ

لئلّا يشعروا بالموت يكسرهم

كم مرّةٍ تتظاهر الأرامل أنّهنّ على ما يُرامُ

"قدّيسات"

وهُنّ حُرِمْنَ القبلة كلّ صباحْ

كم مرّةٍ سيعدّ الإخوة أنفسهم ويهزّهم طيف الغائبين على المائدة

كانوا يحبّون كذا وكذا

كانوا يجلسون هكذا وهكذا

وكانوا يقولون النّكت الباهرةْ

إذنْ، وإذما، وإذا...

يبكي الجميع بصمت حجارة البيت الّتي شعرت بالحنينْ

كم مرّةٍ سيحتفل الشّعراء بابتكار الجُمل الشّهيدة في المجاز الحيّ

يحيا الشُّهداء في الصّلوات والقدّاس والذّكرياتْ

لكنّهم لن يكونوا بيننا ليردّدوا الأغاني الّتي كانوا لها عاشقينْ

كم مرّةٍ سيرتفع الجبناء على أجساد قتلانا

ويحفظون القصائد والآياتْ

ويخشعون في القدّاسْ

ويغطسون في العتمةِ الفاضحةْ

4

لا شيء يسكنني سواك أيّها الألم

ألا تكُفّ عن مشاغبتي أيّها المجنون؟

ما نفع كلّ هذا الّذي أنا فيه؟

لن أذهب إليك مرّةً أخرى

قنِعتُ بهذا الموت

فلا تمتحنّي بك

أستميحك عذراً خذني إليكْ

خذني إليها

لعلّي أحيا على صدرها من جديد

وأنسى أمريكا

وسؤال الحرّيّة البلهاءْ.

5

أيّ امرأةٍ أسوأ من هذي الحرب؟

وأيّ رجلٍ أسوأ من هذا المشبعُ بالهستيريا؟

وأيّ شبحٍ أسوأ من دعاةِ جهنّمْ؟

وأيّ شيءٍ أتفه من "إسرائيل" وهْي كالعجوز السيّئةْ

تستجدي الغطاء في عزّ النهار الذي ألهب أحشاءها

وقطّع أكبادها

أيّ شعر هذا الذي سيقفز كالنعامة فوق المجازْ

ليواريَ

أو يداريَ

ليطأطئ رأس شاعرٍ يبحث عن جملة شاعريّة تأكل منسأته

أيّها الحداثيّون، خذوا الحداثة واخرجوا

أعيدوا طبخها في رؤوس "البرنسيينْ"

هنا الشعر ينظف من تلقائهِ، يرمي الاستعارةَ، يخلع بؤسها من رأسهِ

هذي الاستعارات عرجاءُ، عمياءُ، صمّاءُ، خرساءُ، بلهاءْ

وهْي لا تقول صراحة ببلاغة علنيّة كبرى:

"الطفلُ مات تحت القصف"

"وأنّ البيت صار فضاء وهباء"

"وأنّ السماء سوداءُ لا ترى فيها غيوماً أو طيوراً أو ضباباً أو قمرْ"

"مَحَتِ الطائرات الأغاني بصوتها النشاز"

"وأنّ النساء ثكالى باكيات"

هكذا الشعر في غزّة واضحاً مثل عين الشمس

لا حاجة للخيال أو الإيقاع في لغة القصائدِ حيث كلّ شيء سيموت في لحظاتْ

في غزّة يستقيل الوحي من إلهامهِ

يفقد مثل الناس شهيّته البلاغيّة

هناك ما سدّ نفس الوحي عن هذي اللغة الباردة

شهيّة الموت مفتوحةٌ الآنَ أكثر من أيّ صمتٍ سابقٍ

شهيّة الموت استوتْ

وكلّنا في الفُلْكِ موتى أو نكاد...!

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 156 مشاهدة
نشرت فى 30 أكتوبر 2023 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

639,411

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024.

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.