كيف ينتــج العســــل ؟

العسل مادة سكرية ذات طعم ورائحة مميزتيـن تَنتجها عاملات نَحل العَسل من رحيقِ الأزهار أو إفرازات أجزاء النباتات الحية أو أخرجة تتركها الحشـرات الماصة على هذهِ الأجزاء بعد أن تقوم بجمعِها مع مواد خاصة تفرزها وتقوم بتخزينِها في أقراصِ الشمع لإنضاجها .

 ويُعَرف العسل ايضاً :

أنه مادة غذائية مصنوعة من النحل إبتداء من رحيق الأزهار أو إفرازات آتية من أجزاء الحية للنباتات فيجمع ، يحول ، يربط بين مواد معينة خاصة ويخزن ويتركها تنضج في أقراص الخلية هذه المادة الغذائية يمكنها أن تكون سائلة أو متماسكة أو متبلورة. والنحل الذي يمكنه أن ينتج العسل العادي هو فصيلة ( Apis mellifera )في حين هناك نوع من النحل لايحمل إبرة بأمريكا اللاتينية مثلاً ( melipona ) الذي ينتج عسل ممتاز "طبي " يستعمل في علاج أمراض العيون .

نحلة تجمع الرحيق

 وللحصول على حمولة قطرة صغيرة من الرحيق على النحلة أن تزور ما يقارب عن 500-1100 زهرة, أما لكي تحصل على 100 غرام من العسل فعليها أن تزور ما يزيد عن مليون من الأزهار وإن كل كيلو غرام من العسل يكلف النحلات ما بين 130- 150 ألف حمل من الرحيق .

ويتضمن تحويل الرحيق إلى عسل ثلاثة تغيرات إحدهما فيزيائي والآخران كيميائيان

الأول: تخفيض المستوى من الماء,

والثاني والثالث:إضافة أنزيمات تفرزها غدد النحل

وكل هذه العمليات ضرورية لتخفيض حجم التخزين المطلوب ولجعل العَسل مركباً قابلاً للحِفظ لمدة طويلة لذا تعمل الكثير من عاملات النحلِ لتحقيق هذه التغيرات.

النحلات السارحات هي الشغالات الأكبر سناً التي تكون غددها في مراحل مختلفة من التدهور وبقدر ما نستطيع أن نُحتم بأن النحل السارح لا يفعل شيئاً في تخفيضِ المستوى المائي للرحيق، لكنه يضيف الأنزيم على الأقل بقدر ِما يستطيع وبذلك يبدأ عملية تحويل الرحيق قبل العودة إلى الخليةِ وعند عودة النحل السارح إلى الخليةِ يستقبله النحل الموجود داخل الخلية الذي يكون عادة أصغر سناً، حيث تفتح النحلة المستقبلة فكها العلوي ثم تحركهُ مسافة قصيرة للأمام أسفل الماصة حيث تظهر على سطحهِ نقطة الرحيق ، ثم يُعيد النحل بلع نقطة الرحيق هذه مرة أُخرى إلى داخل المعدة وهذا " الهضم الأولي " عملية بالغة الأهمية وتفسر العديد من الخصائص الإستطبابية للعسل الغني بالمواد "نحلية الصنع " خاصة من الإنزيمات والخمائر . وتتكرر هذه العملية بمعدل( 120-240 ) مَره ،ثم يبدأ النحل بعد ذلك في البحث عن فراغٍ داخل قرص العسل حيث يضع نقطة الرحيق ومن هنا تبدأ مجموعة أخرى من النَحلِ في العملِ على تِلك النقطة من الرحيق حتى النهاية إلى العَسـل .

نحلة تضع العسل فى العيون السداسية للشمع

 وإذا كان النحل الذي يقوم بإستقبال الرحيق مشغول بكثير من العمل ،فإن النحل الذي يجمع الرحيق يبدأ في تعليق نقطة الرحيق في السقف العلوي من الفراغِ الموجود داخل قرص العَسل ، وهذه العملية مثيرة للإهتمام وعلى درجة فائقة من الأهمية ،فالنقطة المعلقة من الرحيق لها معدل تبخر سريع وبفضل ذلك يتبخر الماء بسرعة من الرحيـق .

 ولتنضيج العسل يقوم النحل بنقل كل نقطة من الرحيق المجموع من أحد الفراغات إلى فراغ داخل قرص العسل ولمرات عديدة ،بالإضافة إلى ذلك فان عدداً كبيراً من النحل يعمل على نقطة الرحيق بتحريك الأجنحة فكل نحلة تحرك أجنحتها 11400 مرة في الدقيقة فيتولد تيار من الهواء داخل الخلية يَسرع من عملية التبخـر.

 ومن ناحية أخرى فان تحريك الأجنحة تُؤدي دوراً هاماً في زيادة لزوجة الرحيق (زيادة التركيز ) داخل معدة العسـل لدى الشغالات ونتيجة لذلك فان نقطة الرحيق تقل في الجسم على حساب إمتصاص الماء بواسطة خلايا المعدة ،وجميع هذه العمليات تعمل على خفض نسبة الماء في الرحيق من    (40-80 %) إلى (17-20%) من الماء في العسـل الناضـج وتختلف نسبة السكر في الرحيق من نبات لآخر، فبينما يحتوي رحيق زهرة الهندباء البرية 40 % ماء، فإن رحيق زهرة الأجاص يحتوي على 70% ماء .

 إن تخفيض نسبة الماء لا يقلل من مساحة التخزين فحسب وإنما يزيد من الضغط الأزموزي للعسلِ الذي يسبب انتقال السائل عبر غشاء (مثل الجدران الخلوية) لأجسامنا أو للحيوانات الأخرى، وان السبب الذي يجعل البكتريا غير قابلة للنمو في العسل مثلاً هو إنها حيث تكون في مثل هذه البيئة تجبر السوائل في تلك الخلايا على المرور عبر جدرانها الخلوية نحو العسل لأن الضغط الأزموزي للعسل أكبر منه في داخلها ،وليس لدى أي حيوان أخر أي طريقة لمقاومة هذه العملية حيث يكون في مرحلة النمو ، وهكذا حينما تكون في طور الراحة (مرحلة البلوغ) لاتتأثر بالضغط الأزموزي بسبب الجدار الخلوي السميك والمحتوى المنخفض جداً في الماء ،كنتيجة تموت أي بكتريا داخل العَسل بعد أن تَجـف, لذا فالضغط الأزموزي للعَسلِ هو أحد الأسباب التي تقيه هجوم الميكروبات وتجعلهُ قابل للتخزين لمدة طويلـة .

أما العمليات الأخرى التي يجريها النَحل لتحويل الرحيق إلى عَسل هي عمليات كيمياوية بطبيعتها :

 العملية الأولى :

هي إضافة أنزيم الغلوكوز أوكسيديز (Glugose Oxidase) أكتشف هذا الأنزيم في العسل في الستينيات من القرن العشرين لكن أغلب الكتابات لم تدرك حقيقة وجوده ، يهاجم هذا الأنزيم كمية صغيرة من الغلوكوز في العسل المنضج ويحوله إلى مادتين(حامض الغلوكونيك)والماء الأوكسجيني (Hydrogen Peroxide) وهذا لأنزيم حساس جداً ومن السهل تحطيمه بالتسخين إضافة إلى أنه لا ينشط إلا بالعسل المخفف وحالما يصل العسل المحتوى النظامي من الماء (18-19%) يصبح الأنزيم فعالاً وهكذا يبدأ الغلوكوز أوكسيديز بوقاية الرحيق المجموع حديثاً والعسل الغير منضج ضد الهجوم الميكروبي ، وحالما يجمع الرحيق من قبلِ الشغالات السارحة تبدأ بإضافة الأنزيمات مباشرةً كذلك حينما يزيل النحل العسل من النخاريب (العيون السداسية ) ويخففه بالماء لتغذية اليرقات يبدأ النظام بالعمل من جديد إن حامض الغلوكونيك الناتج عن فعل الأنزيم (الغلوكوز اوكسيديز) هو الحامض الرئيسي للعسل وهو المسؤول عن إنخفاضِ نسبـة (ph الدرجة العالية للحموضة) حيث لا يحتوي العسل على الكثير من الحامض لكن الذي يحتوي عليه ذو تأثير قـوي . كذلك يقوم الماء الأوكسجيني (Hydrogen Peroxide) بحفظ العسل الممدد وهو المعروف بإستخداماتهِ في تشقيرِ الشعر وكمطهر وهو مركب غير ثابت ومع فاعليته فإنه قصير العمر ولا يحتوي العَسـل الناضج على الماء الأوكسجيني .

 العملية الثانية :

فهي إضافة أنزيم الأنفرتاز فهنالك عدة غدد في النحل توجد في الرأس وزوج في الصدر لدى الشغالة تصب إفرازاتها في التجويف الفمي ،ويتفق معظم الباحثين على أن الغدد الزائدة اللسانية تفرز أنزيم الأنفرتيز الذي يضاف إلى الرحيق ووظيفته بسيطة إنهُ يُفكك السكروز (سكر القصب) والكلوكوز (سكر العنب) حيث إنها تعطي الخطوة الأولى لعملية الهضم وتضاعف عدد ذرات الجزيئات في العَسل وبالتالي تضاعف الضغط الأزموزي له ،كذلك توفر الكلوكوز بحيث تهاجم كميات قليلة منه من قبلِ أنزيم أخر هو (الغلوكوز أوكسيديز).

إن إنشطار السكروز أيضاً يوفر سكر الفركتوز الذي يتميز بقوةِ حلاوته ،وذلك يساعد على تمييز العَسل كطعام ، وكما في أغلب العمليات الحيوية فإن تحول السكروز إلى فركتوز وكلوكوز لا يكون كاملاً أبداً وأغلب العَسل يحتوي على (1-3%)سكروز . وتستغرق عمليات التحول من الرحيقِ إلى العَسل الناضج (24-28) ساعـة وبعدها يعمل النحل على تغطية العيون السداسية (النخاريب)بعد أن تمتلىء بالعسلِ بطبقة رقيقة من الشمع الذي يسمى شمع الختام ،ويتكون شمع الختام من الشمعِ وكميات قليلة من حبوبِ اللِقاح وصمغ النحل (البروبليس) ويسمح هذا الغطاء بتبادل التيار الهوائي ويسمى العسل عند إغلاق العيون السداسية بالعَسلِ المَختوم لكن هذا لا يعني بالضرورة أن كل عَسل مختوم هو عَسل ناضج حيث من المُمكِن أن يكون العَسل مختوم وهو غير ناضج ويستمر بفقدانِ الرطوبة عبر الغطاء الشمعي وعلى العَكسِ قد يكون العسل غير مختوم لكنه عَسل ناضج و إن لم يكن مختــوم

النحل يعمل على ختم العسل بعد نضجه

  • Currently 306/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
103 تصويتات / 3934 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

286,443