السادة الكرام مشرفي هذا الموقع...
جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه من نصح وإرشاد وإضاءة للسبيل في هذا العالم المظلم.
لا أدري من أين أبدأ مشكلتي... بصراحة أشعر بالذنب لأنني سأضيع وقتكم الثمين على مشاكل تافهة وربما هي ليست مشاكل حقاً بل مجرد هلوسات فتاة خائفة من الدخول في هذه الحياة. كتبت أمس في مذكراتي (أنا مجرد خطأ.. مجيئي كان خطأ.. وحياتي سلسلة من الأخطاء ووجودي تعبيرٌ عن الخطأ الذي لا يمكن إصلاحه... كيف أبغي الإصلاح وأنا وجدت لأجسد الخطأ). كلمات قاسية ويائسة وبعيدة عن تعاليم الدين لكن هذا هو ما أشعر به... تراكمت عليّ الكثير من جراح الطفولة، حيث أن أهلي كانوا دوماً بعيدين عني ولم يأخذوا يوماًَ مشاكلي بشكل جدي، بل كانت بالنسبة لهم مجرد نداء للاهتمام -الذي لم أحصل عليه مع ذلك-.
أهلي أشخاص رائعون لكننا نتكلم لغات مختلفة هم منطقيون ناصحون وأنا دوماً بحاجة للحب والعواطف تلك، اللغة التي لا يستطيعون استيعابها. لم يحاولوا يوماً دفعي لهواية أو لأي شيء مع أني أملك الكثير من المواهب الدفينة التي أظن أنها زالت كلها الآن... بدخولي للمراهقة صرت أبحث عن أي بديل للحب... بحثت عن أب يفهمني ولا يعتبر مشاكلي مصدراً لقلق هو لا يحتمله، ولا ينظر لأخطائي على أنها امتداد لأخطاء إخوتي.. أبي شخص متدين لكنه عصبي انفعالي وأنا أخاف من الحديث معه، أخشى أن يحصل له شيء بسببي وهو شيخ كبير ولا يفهم لغتي الشابة... وجدت رجلاً من أقربائي فهمني وكان يبدي لي الاهتمام الذي رغبت به وبقيت معه 4 سنين حتى تزوج وهنا شعرت أن عالمي تداعى وأني صرت وحيدة تماماً... مع ذلك فقد صبرت وقررت تعلم المشي وحدي في هذا العالم.
بذلت جهوداً كبيرة لمعرفة شخصيتي وما أريد وأحب وأرغب وحققت بعض النجاح، لكنني اصطدمت بكثير من العقبات التي كانت أكبر مني... أنا فتاة حساسة ورقيقة جداً، وبدا لي العالم صعباً خصوصاً مع تعاليم الدين الصارمة التي تفرض قيوداُ كثيرة على الأفكار والنظرات وكل شيء... كان كل هذا القدر من التركيز يتعبني فأصل لمرحلة أبتعد فيها عن كل شيء.. الصلاة والعبادة وكل شيء وأقترف كل ما أريد بدون شعور بالذنب، فأدخل الشات وأبتعد تماماً عن كل صواب، ثم تنتهي تلك النوبة فأعود إلى حياتي وديني، لا ينغصني شيء سوى تلك الأفكار الشيطانية التي تشككني في الدين وتعاليمه.
سقطت في هاوية مرعبة، صرت أشعر أن وجودي لا قيمة له ولا يهم أحداً، وأنه حتى الله تعالى لا يحبني، ولهذا يحصل لي كل هذا. صرت أفكر بالانتحار كثيراً ولكني لم أستطع، فصرت أدعو كلما خرجت من البيت أن أموت ولا أرجع.. كنت يائسة ومحطمة.. وما زاد في تعاستي هو كيف تعرفت على عالم الجنس، فقد تعرضت لتجربة مزعجة منذ سنتين، عندما أظهر رجل لي عضوه وشعرت باشمئزاز فظيع وكرهت كل الرجال بدءاً من أبي.. فلجأت للعلاج النفسي الذي أتعبني كثيراً بسبب الأدوية التي رفضها جسدي بقوة ولم أحصل منها سوى على الآثار الجانبية... ومن وقتها لم يعد أي رجل يعجبني، ولم أعد قادرة على حب أحد، تقدم لي كثيرون ورفضت، وغالباً كان الشكل هو السبب فمن عللي القاتلة حبي للمظاهر وللجمال.
أكره حياتي.. أكره نفسي.. كلما تلفت إلى الوراء لم أر سوى أشياء أرغب في محوها عن الوجود.. لم أعش يوماً في حياتي على أنني أنا بل كنت دوماً أعيش بخيال أني شخص آخر.. مع أني من أشد المعجبين بشخصيتي وحياتي وبكوني محاطة بأصدقاء محبين لكن لا أشعر بالرضا عن كل هذا... قولوا لي.. أيمكن إنقاذي؟ لم أشعر بكل هذا التعب؟ أنا لم أقترف شيئاً بهذا السوء.. لم أصاحب رجلاً ولم أدخل مواقع إباحية، وحتى أهلي فأنا والحمد لله بارّة جداً بهم، وطوال حياتي كنت أراعي أن أتقي الله وأبتعد عن المعاصي.. أخبروني لم يكرهني الله.. لم تكون اللذة الوحيدة التي أحصل عليها في حياتي هي العادة السرية التي أمارسها منذ كنت طفلة صغيرة جداً؟ Am I too lost to be saved? اعذروني على الإطالة وعلى أفكاري المشوشة...
أرجو مساعدتكم وشكراً جزيلاً لكم.
04/11/2007
أختاه؛
أهلا بك ومرحبا، لقد وجد هذا الموقع ليهتم بقرائه الأعزاء، فكيف بمعاناة يقطر الأسى من بين سطورها، ويغلف الحزن كل ثناياها، ويقفز الأمل من خلف كلماتها، إذا لم نكن في خدمتك يا رقيقة المشاعر فمن نخدم، إنك تصرخين بكل أب وبكل أم ألا تخدعهم مظاهر السكينة في أبنائهم، وعدم مشاكستهم لأنها قد تعكس اكتئابا، ورغبة في الاحتضان والمصاحبة.
إنك تصرخين صغيرتي منذ أمد بعيد، لكن أهلك لم يسمعوا، مما جعلك تلجئين إلى قريب ليحل محل الأب وإن كنت لم تذكري في رسالتك هل كان لك أبا أم استغلك بصورة أو بأخرى، ولم تكتفي الأقدار بما تعانين، حتى أوقعتك الظروف في طريق مضطرب جنسيا ليزيد معاناتك، ويضيف أبعادا أخرى لمعاناتك بأن جعلك تكرهين الرجال وتلجئين إلى العادة السرية لتفريغ احتياجاتك الجنسية.
عزيزتي؛
أرى أنك تعانين من اضطراب الاكتئاب المزمن، وأرى أنك تحتاجين إلى جلسات علاج نفسي لتفريغ انفعالاتك، وتنظيم أفكارك، وتحسين إدراكك لما مر بك ويمر بك من أحداث، ومصالحتك مع نفسك، تحتاجين لممارسة هواياتك أو خلق هوايات جديدة لك، تحتاجين للاستفادة من وقتك بتنمية قدراتك ومواهبك، تحتاجين لمن يدلك على مناطق النور التي بداخلك ويساعدك على الوصول إليها، لا تترددي عزيزتي في الذهاب مرة أخرى إلى طبيب نفسي ولكن اطلبي منه أن يقوم بمساعدتك بجلسات علاج نفسي مع العلاج الدوائي.
لا تترددي كثيرا فالشفاء قادم بإذن الله.
دكتور علي اسماعيل للطب النفسي و الاستشارات النفسية والتنمية البشرية والمشكلات الزوجية والاجتماعية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش