الرهاب الاجتماعي من مصر إلى ألمانيا
أهلا وسهلا... أنا أعاني من بعض المشكلات ولكن أحب أن أبدأ بتعريف نفسي:
أنا فرد من أسرة صغيرة لي أخ واحد أكبر ووالدي متوفى حالتي المادية جيدة أنا حاليا مقيم في ألمانيا أدرس ماجستير في الهندسة وبداية من دراستي في الثانوية العامة وحتى الآن وأنا متفوق في الدراسة حتى أن ترتيبي في الكلية في مصر كان الأول وحصلت على العديد من المنح الدراسية وآخرها ما سمح لي بدراسة الماجستير في ألمانيا وأصبحت متفوقا هنا أيضا وأصبحت من الأوائل.
مقابل تفوقي هذا ضحيت بكثير من وقتي في الدراسة ولم يكن لي وقت كافي للاختلاط بالناس أصبحت شخص انطوائي يخاف الناس والاختلاط بهم وأشعر بالتوتر الشديد والخجل عندما أكون مركز الاهتمام وأحيانا أتلعثم في الكلام خصوصا عندما أكلم فتاة تعجبني بل وأحاول أن أتجنبها أيضا لأني أشعر بالرفض منها ولا أريد أن تأخذ عني فكرة أسوأ مع أني أعرف أني لست كذلك وهذا يحزنني كثيرا... جدا! وهذه المشكلة هي الأكثر تأثيرا عليَّ حاليا!
أيضا أجد أن تفكيري مختلف كثيرا عن كثير من الناس حولي من المصريين خصوصا وأني لا أؤمن باللأديان ولست متأكدا من وجود خالق من عدمه غير ذلك أنا لا أقبل معظم مسلَّمات المجتمع المصري وخصوصا علاقة الرجل بالمرأة وكثرة القيود التي أراها هي أساس معظم مشكلات المجتمع وأمراض نفسية كثيرة.
مشكلة أخرى هي أني أريد أن أجرب أشياء جديدة أحيانا (مثل سفر إلى مكان ما أو تعلم الرقص مثلا) ولكن أشعر بالتوتر وأفكر كثيرا في تفاصيل وعواقب مما قد يدفعني إلى عدم تجربة هذا الشيء.
تحليلي الشخصي هو أن السبب الرئيسي لمشكلاتي هو التربية من صغري حيث أن والدي كان مسافرا ومن قام بتربيتي هما والدتي وجدتي (أم أمي) وأمي كانت متوترة وعصبية وتضربني وتغضب على أشياء كثيرة مما أشعرني بالرفض ممن حولي مما نتج عنه الشعور بالخجل والخوف من أتعامل مع الناس وخصوصا البنات.
الجدير بالذكر أنني تحسنت كثيرا منذ أن سافرت إلى ألمانيا وحاليا أقيم وحدي ولكن معي من مصر العديد من الأصدقاء وأخرج معهم ولكن كثيرا ما أفكر أن علاقتهم بي أقل من علاقتهم ببعض مهما أحاول تحسين علاقتي بهم.
أحاول أيضا أن أجرب شيئا جديدا من وقت للآخر كي أكون إيجابيا.
أنتظر الرد وشكرا لوقتكم
10/04/2013
الأخ الفاضل المهندس العزيز؛
أهلا ومرحبا بك على الموقع وعاونك الله على تخطي أزماتك النفسية والاجتماعية والروحانية التي تعاني منها.
لديك عقلية علمية معملية فذة منحتك التفوق والتميز ولكنها حرمتك من حياة اجتماعية مشبعة حسب وجهة نظرك أرجعت هذا لطريقة تربيتك التي أوافقك على جزء كبير من تصوراتك عنها.
تعالى نقفز سريعا نحو تشخيص حالتك الذي لن نختلف معا عنه وهو أنك تعاني من اضطراب الرهاب الاجتماعي وخاصة مع الفتيات مع شخصية انطوائية.
وتعالى نأخذ فكرة عن هذين المحورين:
الرهاب الاجتماعي: هو خوف وارتباك وقلق يداهم الشخص عند قيامه بآداء عمل ما (قولاً أو فعلاً) أمام مرأى الآخرين أو مسامعهم، ويؤدي به مع الوقت إلى تفادي المواقف والمناسبات الاجتماعية.
۰ لتشخيص الرهاب الاجتماعي كمرض وليس كعرض من أعراض مرض نفسي أو جسدي آخر يجب تواجد أحد الأعراض التالية:
۰ خوف ملحوظ وقوي من واحدة أو عدة مواقف اجتماعية حيث يتواجد المريض تحت نظر غرباء.
۰ التواجد في الموقف الاجتماعي الذي يخشاه ينتج عنه بصفة دائمة قلق شديد قد يصل إلى حالة هلع.
۰ المريض يدرك أن ما يحصل له من خوف غير مبرر.
۰ التجنب الملحوظ للتواجد في المواقف التي قد تزيد قلقه.
۰ تأثير هذا السلوك الانطوائي على محيطه الاجتماعي والعملي بصفة واضحة يسبب له في آلام نفسية أو يؤدي إلى استعمال مواد مهدئة.
۰ هذا الرهاب ليس ناتجاً عن مرض أو استعمال مواد طبية.
۰ وجود على الأقل واحد من الأعراض الجسمانية المذكورة في القلق العام.
الأسباب المحتملة:
۰ الوراثة: ترى الدراسات انتشاره في عائلات محددة، انتشاره في التوائم المتماثلة أكثر من غير المتماثلة، وجود الاضطراب في أحد الأبوين يرفع من نسبة ظهوره بين الأبناء.
۰ طريقة التربية: قد يظهر الاضطراب بسبب قهر السلطة الوالدية التي لا تشجع الابن على التعبير عن مشاعره, وأحاسيسه بل إن بعض الثقافات تعتبر أن تجرؤ الابن الصغير على الحديث أمام الكبار يعتبر نوع من إساءة الأدب فضلا عن القمع والقسوة في التعامل والتربية, والإهانة والإذلال التي يتعمد بعض الآباء إيقاعها على الأبناء.
۰ التفسير السيكودينامي: يكون التثبيت في حالة الرهاب في المرحلة القضيبية، أما بالنسبة للآليات الدفاعية التي يستعملها الشخص فتتمثل في الإسقاط، والكبت، والإزاحة (تنقل المهددات الداخلية إلى مهددات خارجية لا شعوريا وحيث ينقل الانفعال من مصدره الأصلي إلى بديل لأكثر قبولا فمثلا خوف المدرسة قد يكون قلقا بسبب الانفصال عن الأم) إن الرهاب حسب التحليل النفسي إذن هي نقل الرعب وتحويله إلى موضوع يقوم بينه وبين سبب المشكل النفسي رباط معين.
۰ التفسير السلوكي: ينطلق بفعل حدث خطير (أو الرضوض الصغيرة والمتكررة) عن طريق محاكاة السلوكات العائلية أو عن طريق المبالغة وتضخيم الرسائل التربوية المقلقة.
۰ حين يبدأ الطفل في خوض تجارب قد تسبب له الألم مثل تجربة النزول من علو بسيط ثم السقوط على الأرض والشعور بالألم من هذه التجربة تولد لدى الطفل الخوف من العلو وهكذا تبدأ محاولات التجربة والأخطأ تفرض أحكامها على الإنسان، وتظهر الأحكام التي قد تكون جيدة وقد تكون سيئة ثم يأتي بعد ذلك دور المحاكاة والتقليد لأشخاص آخرين يحاولون التوخي والحذر مثل مشاهدة الطفل لوالدته حين تستخدم الوسائل الوقائية في الإمساك بالأشياء الساخنة, ويتعلم الطفل هنا من المشاهدة شيئا رمزيا يعبر عن خطر محتمل, وقد يشاهد في هذه اللحظة تجربة سيئة تحدث للأم مثل الشعور بحرارة نار الفرن فيدرك الشيء الخطر من مجرد تعابير الوجه, وردود الفعل السلوكية التي تبديها الأم لكن عندما يتطور هذا الخوف مع الإنسان إلى أشياء لا مبرر منها مثل الخوف من الناس أو الخوف من ركوب الطائرة فهنا يكون الإنسان قد دخل في دائرة الخوف غير الطبيعي ويمكن أن يوجد أيضا كخاصية من خصائص الشخصية، إنه يرتبط بشكل ثانوي بشيء (منبه) هذا الذي يصبح بفعل عملية التشريط موضوع الرهاب والهلع.
۰ التفسير المعرفي: ينطلق بفعل حدث خطير أو الرضوض الصغيرة والمتكررة، فيحدث الخوف باعتباره خطرا حقيقيا، ومتى ما تم هذا الترابط بين الطرفين، يتم تدعيمها عن طريق مخططات تفكيرية استباق وتوجس رهابي، تركيز الانتباه على الخطر، حذر وانتباه مفرطان ومضخمان Hyper vigilance ، بناء سيناريوهات كارثية (الخلط بين المتوقع والمؤكد)، استنتاجات وتعميمات اعتباطية، أخطاء في التأويل، عمليات تحاشي وتجنب المخاطر (تؤدي إلى ارتفاع درجة الرهاب).
۰ يتم علاج هذا الاضطراب باستخدام مهارات سلوكية ومعرفية وفي العلاج يتم:
- إعادة تشكيل البنية المعرفية: يركز العلاج المعرفي على تصحيح التقييمات الخاطئة المتعلقة بالإحساسات الجسمية باعتبارها مصدر تهديد، وتطبيق الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية .
- إعادة التدريب على التنفس: فإن تدريب المرضى على تنظيم التنفس يساعد في تقليل نوبات الهلع وبالتالي الهروب من الموقف، وقد أجريت دراسات علمية عدة أثبتت ذلك .
- الاسترخاء العضلي: تتمثل أهمية الاسترخاء العضلي في أن المريض يقارن فيه بين العضو في حالة التوتر والعضو في حالة ارتخاء وراحة، ويخبر هذا الفرق بصورة واضحة عبر أعضاء الجسم المختلفة، ويتعلم المريض أنه قادر على جلب الاسترخاء لنفسه من خلال سلوكه .
- مراقبة الذات: هي محاولة للتعبير الموضوعي الدقيق عن الحالة (مثل: مستوى قلقي في الدرجة 5 ، ولديَّ أعراض رعشة، وداور، وقد استغرقت هذه النوبة 10 دقائق)، بدلاً من استخدام كلمات عامة فضفاضة مثل: أشعر بالرعب الشديد، هذه أسوأ لحظات عمري، ويتم ذلك من خلال سجل لنوبات الفزع، يتابع من خلاله المريض ما يجري له في يومه.
- التعرض التدريجي: في نوع "الهلع الموقفي" أو "الهلع المصاحب لرهاب الساحة" يكون التعرض التدريجي للموقف المخيف وسيلة ملائمة للتخفيف من المخاوف ويقاس النجاح في ذلك بالاستمرار في موقف التعرض حتى ينخفض القلق.
- حاول أن تركز على الجوانب الإيجابية في حياتك.
ويمكنك الدخول في علاج جمعي عندك بألمانيا للحصول على هذه التدريبات أو القيام بها منفردا وهي تحتاج فقط إلى إرادة وتدرج في التنفيذ ومثابرة ومقاومة للهروب من الموقف ويمكنك تقوية إرادتك بالقراءة عن الاضطراب وممارسة الاسترخاء
وفقك الله
دكتور علي اسماعيل للطب النفسي و الاستشارات النفسية والتنمية البشرية والمشكلات الزوجية والاجتماعية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش