فى
عزبة البرج تبدو الصورة مقلقة.. على أحر من الجمر ينتظر أهالى بحارة
المركب «شاهندة جابر» الـ٢٢ عودة أبنائهم المقبوض عليهم فى سجون اليمن، بعد
أن دخلوا خلسة إلى السواحل اليمنية للصيد هناك. السلطات اليمنية ألقت
القبض على المركب وعلى متنه ٦ آلاف طن من الأسماك حصيلة الغزوة البحرية
للمركب الدمياطى واعتبر اليمنيون أن الصيادين المصريين قراصنة سرقوا
ثروتهم.
بينما القلق ينهش أهالى الصيادين، فإن أباطرة أعالى البحار
ومُلاّك المراكب لا يرون ضررا فى رحلاتهم إلى المياه الإقليمية للدول
الأخرى بحثا عن مئات الأطنان من الأسماك وملايين الجنيهات بحجة نضوب البحار
المصرية من الأسماك وعدم توافر تصاريح صيد رسمية يصطادون بموجبها، هم أيضا
يتحججون بمسؤوليتهم المعنوية تجاه الصيادين الفقراء الذين يعملون على
مراكبهم، لكن الصيادين أنفسهم لا يجدون غير البحر مفرا لهم من الفقر
والحاجة، ويؤكدون أنهم سيخرجون ويخرجون فى غزواتهم البحرية بحثاً عن
الأسماك فى أى مكان حتى ولو تعرضوا للموت، وإلا المقابل سيكون الموت جوعا
لهم ولأسرهم.
الشيخ حسن خليل، شيخ الصيادين بعزبة «البرج»، وبطل
موقعة الصومال الشهيرة والذى فك مركبيه من الأسر الصومالى يقول «لب المشكلة
أن الصيادين دول عايشين فى مأساة وماحدش يعرف عنهم حاجة..
المشكلة
إن الناس بتقول عليهم متهمين وبيصطادوا بطريق غير شرعى ولقينا ناس بتقول
إنتم إزاى بتروحوا هناك، فالصيادون يعملون منذ فترة طويلة جدا فى المياه
الدولية لتلك الدول التى تتهمنا بالقرصنة، لكن الغريب أنه عندما تسال
مسؤولى الاتحاد عن الصياد حين يحتجز بمركبه يخلص نفسة ويقول إن المركب خارج
بطريق غير شرعى، ورغم أن التصريح والترخيص يؤخذ للعمل والصيد للمياه
الإقليمية للدولة، فإن الصيد فى المياه الدولية ليس له أى تصريح.
وعن
طرق استصدار تصاريح الصيد قال خليل: «الاتحاد النوعى وهيئة الثروة السمكية
يعقدان اتفاقات دولية مع دول الجوار البحرى، ومنها الدول التى نصطاد بها،
لكن هذا لا يحدث عندما نذهب للاتحاد مثلا ونسأل عن تصاريح صيد فى اليمن أو
الصومال أو إريتريا أو السعودية والسودان، يقولون لنا إن هذه الدول رفضت
عقد اتفاقات صيد معنا ولم تعط الاتحاد لكنها أعطت تصاريح وموافقات صيد
لأفراد وشركات خاصة، إذن الجهات الحكومية لم توفر لنا تصاريح صيد والتصاريح
الوحيدة المتوفرة تكون غالبا مع سماسرة وشركات خاصة تأتى لنا لتبيعها
وطبعا بأسعار السوق السوداء»،
موضحاً أن سعر التصريح الواحد من خلال
السماسرة يتراوح ما بين ١٢ و٢٠ ألف دولار فى الرحلة الواحدة، ويختلف حسب
المكان والظروف. وأضاف: «فى البداية كانت الثروة السمكية تجلبها لنا بأسعار
أرخص من كده كثيرا فلم يكن التصريح يتجاوز لـ٢٠ ألف جنيه، وهذا ما نريده
أن تجلب لنا الثروة السمكية التصاريح بدلا من سماسرة البحر، نريد أن تعقد
الثروة السمكية الاتفاقات حتى إذا أحضرت شركة أو سمسار تصريحا يذهب به إلى
الثروة وتتفق هى معه».
وتابع خليل قائلا: «أنتم تسألون لماذا نخرج
نصطاد فى تلك الدول السبب أننا نحصل على كميات أكبر من الأسماك، حيث نصطاد
٦٠ و٧٠ طناً من الأسماك فى الرحلة الواحدة». وحول عدم لجوئهم للصيد فى
السواحل المصرية قال: «هناك تعقيدات كثيرة، والمركب اللى حاصل على ترخيص من
دمياط لا يعمل إلا فى دمياط ولا يسمح له بدخول أى موانئ أخرى غير دمياط،
فى تعقيدات كثيرة جدا، أنا مصرى أصطاد من مياه مصرية، إذن يسمحون لنا بدخول
أى ميناء، الاتحاد النوعى يحظر علينا أن نصطاد وندخل ميناء الإسكندرية أو
أى ميناء مصرى، كل المشاكل دى خلتنا نستورد سمك».
وأضاف خليل: «أناشد
المسؤولين أن يعطونا حرية علشان نشتغل.. نحتاج لتصاريح الاتحاد النوعى،
لابد أن يجلب لنا التصاريح الدولية لنعمل ونصطاد بدلا من التعامل مع
السماسرة حتى إذا جاء السماسرة يكون الاتفاق والإشراف من خلال الاتحاد
النوعى».
وبسؤاله عن أفضل المناطق التى يفضلون الصيد فيها قال:
«اليمن وإريتريا والسودان وكل الدول دى تصاريحها متاحة، فيه كمان الصومال
وهى رغم أن ناتجها قليل فإننا مضطرين أن نعمل فى المياه الدولية الخاصة بها
لأنها غنية بسمك معين فى بعض الأوقات وعلشان المركب تنوع الأسماك به نروح
هناك، لكن المناطق الأساسية لنا اليمن وإريتريا السودان».
وحول اتهام
هذه الدول للصياد المصرى بالقرصنة قال شيخ الصيادين: «إحنا مش قراصنة..
إحنا صيادين شطار، والمشكلة إن الصيادين فى الدول دى (بيغيروا) منا لأننا
أشطر وأحسن منهم بكتير، والصياد المصرى بصفة عامة صياد مطلوب للعمل
لمهارته، والآن الصيادون المصريون يعملون فى اليونان ووصلوا إلى الأطلنطى
ويعملون فى جميع الدول».
وبسؤاله عن حقيقة قلة الأسماك فى السواحل
المصرية قال خليل: «طبعا أصبحت قليلة علشان عمليات الصيد الجائر وصيد
الزريعة وفيه فوضى ضخمة فى البحر لكن لازم نكون عارفين البحر هايقف إمتى،
مثلا يقولوا لنا إن منع الصيد سيستمر لمدة شهرين لكن بعد ذلك وبناء على
ضغوط من الصيادين لا يستمر الصيد سوى شهر ونصف الشهر فقط، دى فوضى، لابد أن
تسيطر المصلحة العامة وليس المصالح الشخصية والخاصة، يعنى الثروة السمكية
ناس متعلمين يحددوا واحنا نمشى وراهم».
وأضاف: «هناك أزمة أخرى، هى
أنواع الغزل المخالفة والمحرمة دوليا التى تصطاد الأمهات، أصبحت منتشرة
لابد أن تمنع، لكن فيه تواطؤ.. البحر لازم يتنظم، المشكلة إن مافيش نظام».
تركنا
الحاج حسن خليل، متوجهين إلى إيهاب نصر، صياد على مركب سمارة العائد من
الأسر، حيث قال: «فيه صعوبات كتيرة بتخلينا نروح الأماكن اللى اتخطفنا
فيها، إحنا نبحث عن أكل عيشنا وماعندناش حل تانى، لازم نخاطر، إحنا بنسعى
على رزقنا فى أى مكان، ومابنبصش على المخاطر لأننا بنشتغل منذ أكثر من خمس
سنوات فى تلك المناطق».
وأضاف: «إحنا كمصريين عندنا جرأة وشجاعة نقتحم أى مكان بحثاً عن الرزق».
ورغم
أن هناك صيادين من العائدين من الخطف طلبوا أن يتركوا البحر ولا يعملون
فيه ثانية بعد الأهوال التى تعرضوا لها فإن إيهاب يصر على الاستمرار فى
عمله فى البحر، قائلا: «أنا ماليش أكل عيش غير الصيد وماعرفش أشتغل فى أى
مهنة تانية».
وبسؤاله عن إمكانية تكرار تجربة الذهاب لمثل هذه الدول
قال «شوف نحن لا نحب المجازفة ونطالب بتوفير التصاريح الرسمية لنعمل هناك
بأمان ولا نريد أن نموت من أجل لقمة العيش، لكن إذا لم تأت التصاريح، هاروح
واصطاد واشتغل ورزقى على الله، هاخاطر بنفسى من أجل لقمة العيش.. إحنا
صيادين ودى مهنتنا وشطار فيها هما بيقولوا إننا قراصنة، لا إحنا بنعرف
نشتغل ونجيب كميات كتيرة وده اللى مضايقهم».
أما حسام خليل، رئيس
الجمعية التعاونية لصيادى الأسماك بعزبة البرج، فقال: «لا نعرف هنا غير
الصيد مهنة لكل سكان وأهالى العزبة، إذن الصيد هو أكل عيشنا كلنا، البرج
بها ١٦٨٠مركباً كبيراً للصيد، تعمل فى أعالى البحار ٢٥٠ مركباً صغيراً ويصل
ملاك تلك المراكب إلى ٢٨٠٠ شخص ويعمل عليها ١٣ ألف صياد».
وأضاف
خليل: «إن مشاكل الصيادين متفاقمة بشدة فرغم وجود سواحل طويلة تطل على
بحرين، ونيل يجرى فى طول البلاد غير خمس بحيرات طبيعية وكلها موارد سمكية،
لكن الأزمة الغريبة هى ندرة الأسماك فى كل تلك المجارى المائية بسبب التلوث
الشديد من ناحية، والصيد الجائر من ناحية أخرى، وأمام هذه الندرة فى
الأسماك لم يجد الصيادون غير المياه الدولية للصيد فيها، صحيح هذا يعرضهم
للخطر لكن ليس أمامهم حل آخر».
وتابع: «الدولة وقعت عددا من
الاتفاقات فى السابق مع الدول المجاورة لصيد الأسماك فى مياهها ولكن تلك
الاتفاقات تقلصت وسيطر عليها مافيا التصاريح المكونة من أفراد وشركات كبرى
من دمياط، وبعضهم من العزبة، وهناك آخرون من القاهرة هم المسيطرون
الحقيقيون على التصاريح، مؤكداً أن ثمن التصريح يتراوح بين ٢٠ و٢٥ ألف
دولار حسب الدولة التى سيتم الصيد بها».
وعن تاريخ ظهور مافيا
التصاريح قال خليل: «ظهرت منذ منتصف التسعينيات تقريبا، حين بدأ الاتجاه
للصيد فى المياه الإقليمية والدولية فى البحر الأحمر تحديدا، وبدأ ملاك
مراكب الصيد فى بناء مراكب صيد عملاقة يعمل عليها ٣٠ صياداً وأكثر حتى
تتمكن من السفر والصيد فى أعالى البحار، وقتها بدأت تنشط تجارة التصاريح
وكان لابد لتلك المراكب أن تعمل فى أعالى البحار لأن تكلفة تشغيلها عالية
والأسماك هناك أكثر والأزمة الحقيقية أن بحارنا أصبحت خالية ولا يوجد بها
سمك، وهنا لا يجد الصياد وصاحب المركب مفراً من السفر ومطاردة الأسماك
أينما كانت سواء فى مياه دولية أو محلية».
وعن الحل لتلك المعضلة قال
خليل: «الحل هو تشديد العقوبات على من يلوث المياه ومن يصطاد الزريعة.. فى
الدول الأخرى يتعاملون بحسم شديد مع تلك المشاكل، لكن نحن لا نهتم وهى دى
النتيجة نعرض حياة أولادنا للخطر لأنهم يضطرون للصيد فى أعالى البحار».
وحول
اتهام دول الجوار المائى للصيادين المصريين بالقرصنة وسرقة الأسماك قال
خليل: «قبل ما أقول لك أى إجابة لازم أسال.. إيه اللى دفعه للذهاب إلى هناك
عندنا بحار أعلى منهم ومناخ مناسب للتكاثر أحسن منهم، لكن لا يوجد سمك، هم
فى تلك الدول يحافظون على الأسماك واحنا ندمر ثروتنا وفى النهاية الصياد
مظلوم لازم يشتغل ويجيب سمك».
وحول اتهام المسؤولين المصريين لصيادى
عزبة البرج بأنهم أفسدوا اتفاقات الصيد مع تلك الدول بسبب تجاوزاتهم قال:
«دى مشكلة تانية كل واحد مسؤول يتنصل من مسؤوليته ويلقى بالتهمة على
الصيادين الغلابة، تفتكر إيه اللى يخلى الصياد يخاطر بنفسه سواء فى ليبيا
أو فى إريتريا أكيد قلة الرزق، وأنا عايز أسال الحكومة التى تتهم الصياد
ليه السمك اختفى من بحارنا وفيه ثروة سمكية وفيرة فى ليبيا وتونس والصومال،
الصيادون الذين تتهمونهم بالقرصنة الآن لا يستفيدون من الدولة والحكومة
بأى شىء، وماينفعش إنهم يعملوا الصياد شماعة يعلقون عليها مشاكلهم
وأخطاءهم، الصياد مش ناقص كفاية أن ماحدش بينفذ مطالبه».
وأضاف خليل:
«نريد اتفاقات رسمية مع الدول المجاورة للعمل والصيد هناك حتى نحمى الصياد
من الاعتداء عليه أو القبض عليه، نريد أن يعامل الصياد بطريقة أفضل ولابد
من نظرة أفضل لقطاع الصيد والاهتمام به، أيضا الثروة السمكية لابد أن تفكر
فى إلغاء المزارع السمكية لأنها ضرت ولم تنفع».
تركنا حسام خليل،
رئيس جمعية الصيادين، وذهبنا إلى عماد خليل، أحد ملاك مراكب الصيد ويملك
مركب رزق أبوعماد، والذى قال: «إن مشاكل الصيادين كثيرة، أولاها الصياد
الذى يدفع مبالغ طائلة فى التأمين ولا يستفيد منها فى أى شىء حتى الصياد
معاشه لا يتجاوز ٨٠ جنيهاً ماذا يفعل بها».
وأضاف عماد خليل
:«المشكلة الثانية أن الصياد لو مرض لن يأكل وسيموت من الجوع لأن رزقه
باليوم»، وفجر عادل محمد، صاحب مركب صيد، مفاجأة خطيرة مؤكدا أن الأزمة
الحقيقية الآن ليست فى المراكب التى تخرج للصيد فى الدول الأخرى ولكن فى
المراكب المتعطلة عن العمل بسبب نقص العمالة وعدم وجود صيادين بعدما هجر
الكثيرون المهنة التى أصبحت أكثر خطرا وأقل دخلا وهاجر الباقى منهم إلى
اليونان وقبرص وتركيا للعمل هناك، وأكد عادل خليل وجود ٣٠٠ مركب صيد متعطلة
بلا عمل فى انتظار صياد سافر ولن يأتى الآن وإن وجد فغالبا ما يكون من
خارج العزبة».
وأشار عادل إلى أنه كصاحب مركب يعانى حتى يجد صياداً
على مركبه قائلا إذن صاحب المركب متضرر مثله مثل الصياد وأحيانا أكثر
بكثير، وأضاف هل تصدق أن مركب ثمنه مليون جنيه لا يمكنه أن يصرف على أسرة
مكونة من ٤ أفراد لأنه متوقف معظم الوقت بحثا عن صياد، والصيادون الغلابة
اضطروا للهجرة إلى اليونان بحثا عن عمل، متهماً هيئة الثروة السمكية بأنها
أحد أسباب انهيار مهنة الصيد.
وقال السيد الموافى أحد ملاك مراكب
الصيد: «ليه مابيشفوش الدول الأخرى بتعمل إيه مع الصيادين، اليونان بلد ليس
منتجاً للبترول وسعر الجاز للمراكب هناك أرخص من عندنا، الصياد وصاحب
المركب يضطران هنا لشراء كل شىء من السوق السوداء من الطعم والغزول وحتى كل
متطلبات المركب، والدولة لا تساعدنا فى أى شىء ولا تساندنا مطلقا بل على
العكس تقف أمامنا وتعرقل عملنا، الصياد هنا مهان ومهمل».
ومن عزبة
البرج، معقل ومركز صيد الأسماك فى مصر إلى برج البرلس التى تضم ٤٠٠ مركب
آلى ويعمل عليها حوالى ٢٠ ألف صياد ورغم أن مراكب البرلس لا تخرج إلى أعالى
البحار لكونها صغيرة وغير مهيأة للصيد هناك فإن حمدى شرابى، رئيس جمعية
الصيادين، يدافع عن خروج الصيادين وتعريض أنفسهم للخطر بحثا عن الرزق،
مشيراً
إلى أن ٢٠ ألف صياد يعملون فى البرلس كلهم من حملة المؤهلات العليا أو
المتوسطة لكنهم جميعا يعانون من حالة فقر رهيبة نظرا لقلة دخلهم ومعاناتهم،
وهذا ما يدفعهم إلى المخاطرة بأنفسهم - حسب قوله - فى أى مكان حتى ولو
بحثا عن جنيهات قليلة. وفجر شرابى مفاجأة مؤكدا أن دخل بعض الصيادين لا
يزيد على ١٠ جنيهات فى اليوم.. فماذا يعمل؟
ومن البرلس التى لا تخرج
مراكبها إلى أى غزوات صيدية خارج المياه المصرية، إلى الإسكندرية، صاحبة
ثانى أكبر أسطول صيد مصرى، فى رأس التين كانت المشاكل هى نفسها والشكاوى لم
تختلف والمعاناة واحدة، نفس الفقر نفس المعاناة نفس الألم الذى يسيطر على
الصيادين نفس الإحباط والحاجة التى تدفعهم إلى مغامرات غير محسوبة للبحث عن
الأسماك فى أى مكان حتى لو كلفهم ذلك حياتهم كما حدث العام الماضى على
السواحل الليبية عندما فتح حرس السواحل هناك نيرانه على مركب صيد مصرى
متسلل وقتل صياداً كان يبحث عن أطنان من السمك يسد بها جوعه وحالته البائسة
هنا فى مصر، لكن ماذا حدث وماذا تغير فى البحر والبحار..
يقول عم
جابر إبراهيم، الصياد الذى يعمل منذ ٤٥ عاما فى البحر: «كل شىء تغير زمان
كان البحر كله خير وكان مليئاً بالسمك، والآن لم يعد هناك خير ولا سمك
بعدما هجم على السواحل المصرية أسماك غريبة اسمها القراض تاكل السمك
والشباك والغزل ويعتبر عم جابر أن هذا النوع من الأسماك هو العدو الأول
للصياد وهو الذى جعله يهرب من السواحل المصرية إلى الصيد خلسة على السواحل
الليبية،
لكن عم جابر يؤكد أن الصياد يذهب إلى هناك وهو يعرف أنه
معرض للموت والقتل، فالليبيون - حسب قوله - لا يرحمون ويضربون المراكب
بالرصاص وبالصواريخ الصغيرة التى تحرق المركب كله.. سألنا عم جابر: ولماذا
لا تذهب سمكة القراض إلى ليبيا؟ فقال: «المشكلة مش فى القراض، بس السمك فى
ليبيا كتير جدا والخير وفير فهم ليسوا مهرة مثلنا إحنا أشطر بكتير ونعرف
إزاى نطلع السمك».
أما خميس جابر، صاحب مركب صيد، فيشكو من صيادى المعدية والذين اتهمهم بأنهم يدمرون الثروة السمكية ويصطادون الزريعة والسمك الصغير.
ويقول:
«إنهم حوالى ٣٥٠ مركباً يضعون أجهزة GBS ويصطادون بطرق غير قانونية وبشباك
غير قانونية وهم من أفسدوا البحر، أما صيادو السويس وبورسعيد فهم منضبطون
ولا يضرون بالبحر»، مشيراً إلى أن هذه الأسباب هى إلى دمرت الثروة السمكية
فى مصر.
ويضيف جابر: «هناك نوع من الغزول والشباك محرمة تأتى مهربة
من الخارج خاصة من ليبيا وهذه هى الأسباب التى جعلت الصيادين تهرب وتبحث عن
السمك فى ليبيا وتونس وتركيا أحيانا»، محذراً من طرق الصيد الخاطئة.
وحول
المخاطر التى يتعرضون لها فى السواحل الليبية يقول جابر: «الصياد مضطر أن
يجازف، يعمل إيه مافيش سمك، عندنا، والمركب بيتكلف فى الطلعة الواحدة ٤٥٠٠
جنيه جاز فقط، نعمل إيه لازم الصياد يجرى يمين وشمال علشان يبحث عن زرق».
ويعترض خميس على اتهام الصياد المصرى بأنه لص أسماك يسرقها من مياه الدول الأخرى، مؤكدا أنها مش سرقه لكنها مهارة.
أشرف
على، رزيقة شيخ الصيادين فى الإسكندرية، يقول: «فى الإسكندرية يوجد حوالى
١٥٠ ألف صياد يعملون على حوالى ٢٠٠٠ مركب آلى و٥٠٠٠ مركب صغير، وعموماً
أحوال الصيادين فى مصر سيئة للغاية، لكن اعترض وبشدة على مقولة إن الصياد
المصرى متهم بالسرقة لأنه يبحث عن رزقه ولا يمكن أن نتهمه هو وحده فى حين
أن هناك إهمالاً حكومياً من الدولة فى أمور كثيرة أضرت بالبحار وبالثروة
السمكية، مشيراً إلى أن الصياد لا يسرق سمكاً لكنه لا يذهب إلى مكان إلا
بناء على موافقات وتصاريح من الدولة.
وقال: «٨٠ % من الصيادين يخرجون
بتصاريح ولكن المشكلة إن هناك بتحصل مشاكل تانية ممكن تكون مشكلة فردية مع
شريك هناك يعمل لك مشكلة مع الأمن الليبى ويقبض عليهم بحجة إنهم يدخلون
بطرق غير شرعية».